ـ[صالح بن سعد بن حسن المطوي]ــــــــ[07 - 08 - 2005, 06:15 م]ـ
أخي في
الله سبحانه له الحمد
لؤي الطيبي
لن أرد على سؤالك الأخير لأنك ستعرفه من إجابتي فنشرع ونقول:
قلت: (ثانياً: في قوله تعالى: " فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ "، تأكيد على أمرين: الأول: أن إبليس كان من الجنّ، والجنّ - كالإنس - مخلوق مكلّف بأوامر ونواهٍ، وله اختيار، يستطيع أن يطيع، ويستطيع أن يعصي، وما دام له اختيار فإنه ليس من الملائكة، لأن الملائكة ليس لهم اختيار، فهم " لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ " (التحريم: 6). والثاني: أن إبليس لزم نفسه بمنهج الله قبل أن تغلب عليه طبيعة الاختيار وتأخذه الكبرياء، حين أُمر بالسجود لآدم عليه السلام، لأن الفاسق لا بدّ أن يكون قد أسلم أولاً، لكي يخرج عن دينه، ويكون فاسقاً فيما بعد، وهذا ما يميّزه من الكافر بعده، ومن المنافق قبله. فالكافر لم يدخل الإسلام أبداً، والمنافق لم يخرج من الإسلام أبداً، ولو في الظاهر على الأقل، أما الفاسق فهو قد أسلم ثم فعل ما يخرجه عن الدين سواء كان الخروج مؤقتاً أو دائماً. فإذا كان خروجه مؤقتاً – أي تاب بعد فسوقه – فإنه يعود إلى أمّة الإسلام كواحد من أفرادها. أما إذا كان خروجه دائماً – أي لم يتب بل استمرّ على فسوقه – فهو يصبح في عداد الكافرين والملحدين.)
أجيبك بقولي:
أولا: من أين دليلك أن إبليس كان مكلفا قبل آدم ونحن نعلم أن التكليف هو قبول الأمانة ولم يقبلها أحد من الخلق قبل آدم
ثانيا: ما تقصد بقولك عن طبيعة الاختيار وكيف تكون نائمة ما دامت لدية
ثالثا: فسرت الفسق تفسيرا ناقصا فما قولك في الأربع الفواسق
و الفاسق من كان في طبيعته الإيذاء ويتعدى في إيذائه طبيعيا إلى غيره
من دون أن يشعر أنه مؤذي والفسق الخروج عن ما كان به نهائيا
ولذلك سميت في الأماكن والآلات (الفسقية) فهي عند أهل الصعيد تعني القبر وهي
دلالة على مكان خروج النفس من الجسد نهائيا
والفسقية الإناء أو الحوض الذي يتجمع فيه الماء الخارج من النافوره
وفسقت الرطبة عن قشرها خرجت عنها نهائيا
وسمي الفاسق فاسقا لخروجه النهائي عن السلوك القويم
ومعنى فسق عن أمر ربه دلالة على أنه خرج عن طاعة أمر ربه نهائيا
و الطاعة هنا تعني أن طاعته كانت طاعة يطيعها كل الخلق من دون تكليف
و أما قولك:
(ثالثاً: إذا كان إبليس – أعاذنا الله وإياكم منه – من العابدين لله قبل معصيته، وإذا أضفنا إلى ذلك أن الملائكة ليس لهم اختيار وأن إبليس كان قادراً على المعصية ويطيع، ويأتي الله عن طواعية واختيار، فهو يكون في هذه الحالة أعلى منزلة من المَلَك، ولذلك سمّاه بعضهم: طاووس الملائكة. فإنه كان يزهو في حضور الملائكة بإلزام نفسه بمنهج الله، وكان يزهو على الملائكة بأنه صالح أن يطيع أو أن يعصي، ولكنه تميّز بالطاعة).
فنرد عليك بقولنا:
كلامك صحيح لو كان إبليس حمل الأمانة وهذا لم يصح و ما استندت عليه
من كلام القصاص باطل من أصله فلقد أقررت أنه ليس من الملائكة
و لكنك أدخلته بينهم مجازا بل وضعته فوق الملائكة من دون دليل
وهذا المقام لا يحصل إلا من حمل الأمانة والذي حمل الأمانة
اختيارا أبونا أدم والذي حمل الأمانة إجبارا أبو الجن إبليس
وترتب عن ذلك بقاء الخلافة لآدم وذريته ومن ذلك
كانت النبوة كانت محصورة في بني آدم فقط
و أما قولك:
(رابعاً: ومن هنا قلنا إن إبليس كان من الملائكة وظيفة ومن الجن نسباً وأصلاً، فإن الحق تبارك وتعالى يقول: " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " (الذاريات: 56). فالغاية من خلق الجن والإنس هي العبادة. وإبليس الجني – أعاذنا الله وإياكم منه – كان عابداً لله مع الملائكة طائعاً لأمره سبحانه، ثم أوقعه الغرور في المعصية فكفر، فلمّا تحوّل إلى الكفر، ورضي به، وأصبح محبّاً للشرّ، طالباً له، يتلذّذ بفعله والدعوة إليه، ويحرص عليه بمقتضى خبث نفسه، وإن كان موجباً لعذابه): " قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ " (ص 82 - 83.والله أعلم)
فنرد عليك بقولنا:
¥