تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وذهب المحققون إلى أن الواو في ذلك إما عاطفة، وإما واو الحال. ولم يثبتوا واو الثمانية. وأنكر الفارسي واو الثمانية، لما ذكرها ابن خالويه في باب المناظرة.

ولنذكر ما قيل في هذه الآيات. أما قوله تعالى والناهون فالواو فيه عاطفة. وحكمة ذكرها في هذه الصفة، دون ما قبلها من الصفات، ما بين الأمر والنهي من التضاد. فجيء بالواو رابطة بينهما لتباينهما، وتنافيهما. وقال بعضهم: هي زائدة. وليس بشيء.

وأما قوله تعالى وثامنهم كلبهم فقيل: هي واو العطف، أي: يقولون سبعة، وثامنهم كلبهم. فهما جملتان. وقال الزمخشري: هي الواو، الداخلة على الجملة الواقعة صفة للنكرة، كما تدخل على الجملة الواقعة حالاً عن المعرفة. قال: وفائدتها توكيد لصوق الصفة بالموصوف، والدلالة على أن اتصافه بها أمر ثابت مستقر، وهي التي آذنت بأن الذين قالوا سبعة وثامنهم كلبهم قالوه عن ثبات علم، وطمأنينه نفس، ولم يرجموا بالظن كغيرهم. وهو معترض من جهة أن دخول الواو على الصفة لم يقل به أحد، من النحويين.

وأما قوله تعالى وأبكاراً فليس من هذا الباب، لأن الواو فيه عاطفة، ولابد من ذكرها، لأنها بين وصفين لا يجتمعان في محل واحد.

وأما قوله تعالى وفتحت فقال أبو علي وغيره: هي واو الحال، والمعنى: حتى إذا جاؤوها، وقد فتحت. أي: جاؤوها، وهي مفتحة، لا يوقفون. وهذا قول المبرد أيضاً. وقيل: إن أبواب جهنم لا تفتح، إلا عند دخول أهلها، وأما أبواب الجنة فيتقدم فتحها، بدليل قوله تعالى "جنات عدن، مفتحة لهم الأبواب". وجواب إذا، على هذا القول، محذوف، تقديره بعد خالدين، أي: نالوا المنى، ونحو ذلك. حذف للتعظيم. وقيل بعد أبوابها، أي دخلوها. وقيل: الجواب قال لهم والواو مقحمة. وتقدم قول من جعل فتحت هو الجواب، والواو مقحمة. والله أعلم.


السابع:
الواو التي هي علامة الجمع في لغة أكلوني البراغيث. وهي لغة ثابتة، خلافاً لمن أنكرها، وأصحاب هذه اللغة يلحقون الفعل المسند إلى ظاهر، مثنى أو مجموع، علامة كضميره. فيقولون: قاما الزيدان، وقاموا الزيدون، وقمن الهندات. فالألف والواو والنون في ذلك حروف، لا ضمائر، لإسناد الفعل إلى الاسم الظاهر. فهذه الأحرف عندهم كتاء التأنيث في نحو: قامت هند.
ومن شواهد هذه اللغة، في الواو، قول الشاعر: بني الأرض قد كانوا بني، فعزني عليهم، لإخلال المنايا، كتابها
أنشده ابن مالك. قال: وقد تكلم بهذه اللغة النبي، صلى الله عليه وسلم، قال يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار. وقال السهيلي: ألفيت، في كتب الحديث المروية الصحاح، ما يدل على كثرة هذه اللغة وجودتها. وذكر آثاراً منها: يتعاقبون فيكم ملائكة. ثم قال: لكني أقول في حديث مالك: إن الواو فيه علامة إضمار، لأنه حديث مختصر. رواه البزار مطولاً مجرداً، فقال فيه: إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم ...
قلت: ونسب بعض النحويين هذه اللغة إلى طيىء، وقال بعضهم: هي لغة أزدشنوءة. ومن أنكر هذه اللغة تأول ما ورد من ذلك. فبعضهم يجعل ذلك خبراً مقدماً ومبتدأ مؤخراً، وبعضهم يجعل ما اتصل بالفعل ضمائر، والأسماء الظاهرة أبدال منها. وهذان تأويلان صحيحان، لما سمع من ذلك، من غير أصحاب هذه اللغة، وأما من يحمل جميع ما ورد من ذلك على التأويل فغير صحيح، لأن المأخوذ عنهم هذا الشأن متفقون على أن ذلك لغة قوم مخصوصين من العرب.
وحمل بعضهم على هذه اللغة قوله تعالى "ثم عموا وصموا كثير منهم"، "وأسروا النجوى". قلت: ولا ينبغي ذلك لأن هذه اللغة ضعيفة، فلا يحمل القرآن إلا على اللغات الفصيحة. والتأويلان المذكوران، قيل: يجريان في الآيتين. وقيل في وأسروا النجوى أقوال أخر.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير