تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أنه سبحانه أخبر عن الشعراء بأنهم فى كل واد يهيمون وأنهم يقولون مالا يفعلون وأن للشعر شرائط لا يسمى الإنسان بغيرها شاعرا كما قال بعضهم وقد سئل عن الشاعر فقال إن هزل أضحك وإن جد كذب فالشاعر بين كذب وإضحاك فنزه الله نبيه عن هاتين الخصلتين وعن كل أمر دنئ وإنا لا نكاد نجد شاعرا إلا مادحا ضارعا أو هاجيا ذا قذع وهذه أوصاف لا تصلح للنبي

والثاني

أن أهل العروض مجمعون كما قلل ابن فارس على أنه لا فرق بين صناعة العروض وصناعة الإيقاع إلا أن صناعة الإيقاع تقسم الزمان بالنغم وصناعة العروض تقسمه

بالحروف المتنوعة فلما كان الشعر ذا ميزان يناسب الإيقاع والإيقاع ضرب من الملاهي لم يصلح ذلك لرسول الله:= وقد قال لست من دد ولا دد منى

وأما ما حكى عنه:= من ألفاظ الوزن فالجواب عنها من وجهين

أحدهما

أنه لم يقصد بها الشعر ومن حقيقة الشعر قصده قال ابن فارس الشعر كلام موزون مقفي دال على معنى ويكون أكثر من بيت لأنه يجوز اتفاق شطر واحد بوزن يشبه وزن الشعر من غير قصد

والثانى

أنه صلى الله عليه سلم كان إذا أنشد شيئا من ذلك غيره ز فصل فى تنزيه الله القرآن عن أن يكون شعرا

مع ان الموزون فى الكلام رتبته فوق رتبة المنظوم غير الموزون فإن كل موزون منظوم ولا عكس وقال تعالى)] وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين] (فأعلم سبحانه أنه نزة الفرآن عن نظم

الشعر والوزن لأن القرآ مجمع الحق ومنبع الصدق وقصارى أمر الشاعر التحصل بتصوير الباطل فى صورة الحق

والإفرط فى الإطراء والمبالغة فىالذم والإيذاء دون إظهار الحق وإثبات الصدق منه كان بالعرض ولهذا قال تعالى) [

] وما هو بقول شاعر] (إى كاذب ولم يعن أنه

ليس بشعر فإن وزن الشعر أظهر من أن يشتبه عليهم حتى يحتاج إلى أن ينفى عنه ولأجل شهرة الشعر بالكذب

سمى المنطقيون القياسات المؤدبة فى أكثر الأمر إلى البطلان والكذب شعرية

فإن قيل فقد وجد فى القرآن ما وافق شعرا موزونا إما بيت تام أو أبيات أو مصراع كقول القائل

وقلت لما حاولوا سلوتى

هيهات هيهات لما توعدون

وقوله) وجفان كالجواب وقدور راسيات (قالوا هذا من الرمل

وكقوله) ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه (قالوا هو مجزوء من الخفيف

وقوله) ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب (قالوا هو من المتقارب أى بإسقاط مخرجا

وقوله) ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا (ويشبعون حركة الميم فيبقى من الرجز وحكى أن أبا نواس ضمنه فقال

وفتية فى مجلس وجوههم

ريحانهم قد عدموا التثفيلا

دانية عليهمو ظلالها

? وذللت قطوفها تذليلا ?

وقوله تعالى) ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين (قالوا هو من الوافر

وقوله تعالى) أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم (قالوا هو من الخفيف

وقوله تعالى) والعاديات ضبحا فالموريات قدحا (ونحوه قوله) والذاريات ذروا فالحاملات وقرا فالجاريات يسرا (

وهو عندهم شعر من بحر البسيط

وقوله تعالى) ومن الليل فسبحه وأدبار السجود (

وقوله تعالى) لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون (

وقوله تعالى) فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا (

وقوله تعالى) لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم (

وقوله تعالى) تبت يدا أبي لهب (

وقوله تعالى) نصر من الله وفتح قريب

(وقوله تعالى) إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف

(وقوله تعالى) إن قارون كان من قوم موسى (

ويحكى أنه سمع أعرابى قارئا يقرأ) يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم (قال كسرت إنما قال)

يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم (فقيل له هذا القرآن وليس بشعر

فالجواب قال القاضى أبو بكر إن الفصحاء منهم لما أورد عليهم القرآن لو اعتقدوه شعرا ولم يروه خارجا عن

أساليبهم لبادروا إلى معارضته لأن الشعر منقاد غليهم فلما لم يعمدا إلى ذلك دل على أنهم لم يعتقدوا فيه ذلك فمن

استدرك فيه شعرا زعم أنه خفى على أولئك النفر وهم ملوك الكلام مع شدة حاجتهم إلى الطعن فى القرآن والغض

منه والتوصل إلى تكذيبه بكل ما قدروا عليه فلن يجوز أن يخفى على أولئك وأن يجهلوه ويعرفه من جاء الآن فهو

بالجهل حقيق

وحينئذ فالذى أجاب به العلماء عن هذا بأن البيت الواحد وما كان على وزنه لا يكون شعرا وأقل الشعر بيتان فصاعدا

وإلى ذلك ذهب أكثر أهل صناعة العربية من أهل الإسلام

وقالوا أيضا إن ما كان على وزن بيتين إلا أنه يختلف وزنهما وقافيتهما فليس بشعر أصلا

ثم منهم من قال إن الرلجز ليس بشعر أصلا لا سيما إذا كان مشطورا أو ممهوكا وكذا ما يقاربه فى قلة الأجزاء

وعلى هذا يسقط السوؤال

ثم يقول إن الشعر إنما ينطلق متى قصد إليه على الطريق التى تعمد وتسلك ولا يصح أن يتفق مثله إلا من الشعراء دون ما يستوى فيه العامى والجاهل والعالم بالشعر واللسان وتصرفه وما يتفق من كل واحد فليس بشعر فلا يسمى صاحبه شاعرا وإلا لكان الناس كلهم شعراء لأن كل متكلم لا ينفك أن يعرض فىجملة كلامه ما يتزن بوزن الشعر وينتظم بانتظامه

وقيل أقل ما يكون من الرجز شعرا أربعة أبيات وليس ذلك فى القرآن بحال

قال القاضى وهذه الطريق التى سلكوها فى الجواب معتمدة أو أكثرها

ولو كان ذلك شعرا لكانت النفوس تتشوق إلى معارضته لأن طريق الشعر عسر مستصعب على أهل الزمان الواحد وأهله يتقاربون فيه أو يضربون فيه بسهم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير