الحمد لله في الدنيا ليست مختصة لله سبحانه وتعالى، الحمد في الدنيا قد تقال لأستاذ أو سلطان عادل، أما العبادة فهي قاصرة على الله سبحانه وتعالى، المقام في الفاتحة ليس مقام اختصاص أصلاً وليست مثل (إياك نعبد) أو (إياك نستعين). فقد وردت في القران الكريم (فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين) الجاثية (لآية 36)
:)
ـ[منذر أبو هواش]ــــــــ[23 - 04 - 2008, 09:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
لا شك بكون التقاطعات هي الوسيلة المثلى لتحديد وتجسيد وتجسيم المفاهيم والمعاني في اللغة والفلسفة والعلوم الأدبية أو الأشكال والأبعاد في الهندسة والرياضيات والعلوم المادية.
في الهندسة لا يحدد البعد الواحد أي شيء، فهو عبارة عن الخط أو الطريق التي تسلكها نقطة ما بشكل ما، وإن المستوى الذي هو الشكل الأبسط من أشكال الهندسة والرياضيات والفيزياء لا يحدث إلا إذا تقاطع البعدان السيني والصادي في نقطة ما، وأما الأشكال المادية فلا يمكننا أن نفهمها أو أن نحدد ملامحها أو أن نتحدث عنها إلا إذا تقاطعت لدينا أبعاد ثلاثة هي الطول والعرض والارتفاع.
لقد أراد آينشتاين أن يفسر المفاهيم الكونية ويحددها فاكتشف الحاجة إلى استخدام البعد الرابع الذي هو الزمن.
عندما يفقد الإنسان إحدى عينيه فإنه يفقد القدرة على تحديد أبعاد الأشياء، لذلك فقد شاءت قدرة خالق الإنسان في أحسن تقويم أن تكون له عينان حتى يستطيع بتقاطع الصور أن يحدد أبعاد الأشياء، وأن يكون في ذهنه فكرة جيدة محددة عن أشكالها وأحجامها.
كذلك فإن الأمر هو نفسه بالنسبة إلى التقاطعات عبر اللغات أو بينها، فاللغة الواحدة تساعد الإنسان في تحديد المعاني والدلالات إلى حد ما، لكننا بوصفنا متعددي اللغة فإننا ندرك من خلال تجربتنا الشخصية أن قدرة الإنسان على تحديد المعاني تزداد بازدياد عدد اللغات التي يعرفها، وأنا – على سبيل المثال – حين يصعب علي أحيانا فهم شيء بلغة ما فإنني أبحث عن معناها في اللغة الأخرى، ومن الغريب أن اللغة الثانية كانت تكفي لتحديد المعنى والدلالة في معظم الأحيان والأحوال.
يروى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قلنا: السلام على الله، السلام على فلان، السلام على فلان، فقال لنا: قولوا التحيات لله والصلوات الطيبات ... إلى آخر التشهد، فإنكم إذا قلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد صالح في السموات والأرض.
هذا هو الأساس على وجه التحديد وإن تعددت الروايات. كان أصحاب رسول الله عندما يريدون الصلاة يستشعرون أنهم في حضرة الله فيعتقدون (وهم الموحدون العالمون بحق الله عز وجل) بوجوب تحيته والسلام عليه كما يسلمون على بعضهم (لكون السلام تحية) بقولهم: "السلام على الله" يعني " Peace upon Allah"،
ومع أن المعنى كان صحيحا من حيث القصد إلا أنه لم يكن صحيحا من حيث اللفظ، فهو لا يجوز لأن الله سبحانه وتعالى هو السلام ومنه السلام كما قال رسول الله عندما نهاهم عن قول ذلك تحديدا، وأمرهم بتحية الله عز وجل من خلال توجيه التحية والتعظيم إليه بالقول: "التحيات لله" أي " Greetings to Allah".
هذا هو كل شيء، وهذا هو ما حصل بالضبط، وهذا هو ما علمه رسول الله لصحابة رسول الله، قال لهم: "لا تقولوا: السلام على الله" بل قولوا: "التحيات لله"، وقد نفذ المسلمون أمر رسول الله، وما زالوا يقومون بتنفيذه حتى يومنا هذا، وإلى لحظتنا هذه.
وأما القول المنسوب إلى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله بوجوب "توجيه التحية بصيغة المفرد وعدم توجيهها بصيغة الجمع بدعوى أن فيه إقرانا وشركا بالله عز وجل" ووجوب "قولنا تحيتي أو مع التحية بدلا من تحياتي أومع التحيات" فهو قول مكذوب لا أصل ولا صحة له قام بنشره أحدهم في الانترنت، ثم قام آخرون بنقله وترويجه والبناء عليه بشكل واسع من دون العمل على التحقق من مصدره أو التأكد من مدى صحته أو موافقته لما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولما ورد عمن جاء بعده من السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين.
وأما الشيخ العالم الجليل محمد بن عثيمين رحمه الله فقد سئل عن هذه المسألة غير مرة، وكانت إجاباته كما يلي:
1 - لا حرج أن يقول الشخص لآخر: لك تحياتي أو معتحياتنا ونحو ذلك من العبارات. وأما التحيات التي هي لله وحده، فهيالتحيات الكاملة العامة، كما في التشهد في الصلاة: (التحيات لله والصلواتوالطيبات) وأما التحية الخاصة من رجل لآخر فلا بأس بها.
2 - لا بأس أن تقول لفلان " أرجوك " في شيء يستطيع أن يحقق رجاءك به. وكذلك" تحياتي لك "، و " لك منى التحية "، وما أشبه ذلك لقوله تعالى: (وإذاحييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) النساء/86، وكذلك " أنعم صباحاً " و " أنعم مساءً " لا بأس به، ولكن بشرط ألا تتخذ بديلاً عن السلام الشرعي.
3 - عبارة " لكم تحياتنا "، و " أهدي لكم تحياتي " ونحوهمامن العبارات: لا بأس بها، قال الله تعالى: (إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منهاأو ردوها) النساء/86. والتحية من شخصٍ لآخر جائزة، وأما التحيَّات المطلقةالعامة فهي لله، كما أن الحمد لله، والشكر لله، ومع هذا فيصح أن نقول " حمدتُفلاناً على كذا " و " شكرتُه على كذا "، قال الله تعالى (أن اشكُر لي ولوالديك) لقمان/14. والله أعلم.
والله أعلم، وبالله التوفيق،
منذر أبو هواش
:)
¥