تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[المعنى السياقي للأمر في الحديث النبوي]

ـ[مروان الأدب]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 06:44 م]ـ

قال المصطفى صلّى الله عليه وسلّم "إن لم تستحي فاصنعْ ما شئت "

هل يمكن أن يحمل الأمر في هذا السّياق على الزّجر؟ وهل في مقام رواية الحديث ما يسدد هذا المعنى؟ أجيروني أجاركم الله

ـ[ضاد]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 07:26 م]ـ

ذكر ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم كل المعاني الممكنة للحديث الشريف.

الحديث العشرون

عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولي إذا لم تستح فاصنع ما شئت رواه البخاري.

هذا الحديث خرجه البخاري من رواية منصور بن المعتمر عن ربعي بن خراش عن أبي مسعود عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم فاختلف في إسناده لكن أكثر الحفاظ حكموا بأن القول قول من قال عن أبي مسعود منهم البخاري وأبو زرعة الرازي والدارقطني وغيرهم ويدل على صحة ذلك أنه قد روي من وجه آخر عن أبي مسعود من رواية مسروق عنه وخرجه الطبراني من حديث أبي الطفيل عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا.

فقوله صلى الله عليه وسلم إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى يشير إلى أن هذا مأثور عن الأنبياء المتقدمين وأن الناس تداولوه بينهم وتوارثوه عنهم قرنا بعد قرن وهذا يدل على أن النبوة المتقدمة جاءت بهذا الكلام وأنه اشتهر بين الناس حتى وصل إلى أول هذه الأمة وفي بعض الروايات قال لم يدرك الناس من كلام النبوة الأولى إلا هذا خرجها عبيد بن زنجويه وغيره.

وقوله إذا لم تستح فاصنع ما شئت في معناه قولان:

أحدهما أنه ليس بمعنى الأمر أن يصنع ما شاء ولكنه على معنى الذم والنهي عنه وأهل هذه المقالة لهم طريقان أحدهما أنه أمر بمعنى التهديد والوعيد والمعني إذا لم يكن حياء فاعمل ما شئت فالله يجازيك عليه كقوله {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، وقوله {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ}.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم من باع الخمر فليشقص الخنازير يعني ليقطعها إما لبيعها أو لأكلها وأمثلته متعددة وهذا اختيار جماعة منهم أبو العباس بن ثعلبة والطريق الثاني أنه أمر ومعناه الخبر والمعنى أن من لم يستح صنع ما شاء فإن المانع من فعل القبائح هو الحياء فمن لم يكن له حياء انهمك في كل فحشاء ومنكر وما يمتنع من مثله من له حياء على حد قوله صلى الله عليه وسلم من كذب على متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار فإن لفظه لفظ الأمر ومعناه الخبر وإن من كذب عليه يتبوأ مقعده من النار وهذا اختيار أبي عبيد والقاسم بن سلام رحمه الله وابن قتيبة ومحمد بن نصر المروزي وغيرهم.

وروى أبو داود عن الإمام أحمد ما يدل على مثل هذا القول وروى ابن أبي لهيعة عن أبي قبيل عن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أبغض الله عبدًا نزع منه الحياء فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا بغيضًا مبغضًا فإذا نزع منه الأمانة نزع منه الرحمة وإذا نزع منه الرحمة نزع منه ربقة الإسلام فإذا نزع منه ربقة الإسلام لم تلقه إلا شيطانًا مريدًا خرجه حميد بن زنجويه وخرجه ابن ماجه بمعناه بإسناد ضعيف عن ابن عمر مرفوعًا أيضًا.

وعن سلمان الفارسي قال إن الله إذا أراد بعبد هلاكا نزع منه الحياء فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مقيتا ممقتا فإذا كان مقيتا ممقتا نزع منه الأمانة فلم تلقه إلا خائنا مخونا فإذا كان خائنا مخونا نزع منه الرحمة فلم تلقه إلا فظا غليظا فإذا كان فظا غليظا نزع ربقة الإيمان من عنقه فإذا نزع ربقة الإيمان من عنقه لم تلقه إلا شيطانا لعينا ملعنا وعن ابن عباس قال الحياء والإيمان في قرن فإذا نزع الحياء تبعه الآخر خرجه كله حميد بن زنجويه في كتاب الأدب وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الحياء من الإيمان كما في الصحيحين عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على رجل وهو يعاتب أخاه في الحياء يقول إنك تستحي كأنه يقول قد أضر بك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعه فإن الحياء من الإيمان.

وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال الحياء شعبة من الإيمان.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير