تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الإفراد والجمع]

ـ[د/أم عبدالرحمن]ــــــــ[26 - 08 - 2008, 08:17 ص]ـ

يقول تبارك وتعالى (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وماهم بمؤمنين) البقرة (8)

حيث جاء ضمير "يقول"مفرداً، ثم عدل القرآن إلى ضمير الجمع في قوله"آمنا"وكان مقتضى السياق أن يقال"آمنت "قياساً بماقبلها، فما سر هذا العدول؟

لقد ذكر المفسرون أن وجه العدول عن الافراد إلى الجمع هو الحمل على معنى "من"وذلك لأنها تأتي مفردة كقوله تعالى (ومنهم من يستمع إليك) محمد (16)،وتأتي مجموعة كقوله تعالى (ومنهم من يستمعون إليك) يونس (42).

فمجيء ضمير "يقول"مفرداً مراعاة للفظ"من"،ومجيء الضمير مجموعاً في قوله (آمنا بالله وباليوم الآخر) ومابعده مراعاة للمعنى

؛إذ إن معناها فريق وجماعة بقرينة قوله تعالى (وماهم بمؤمنين) وما بعده من صيغ الجمع (1).

وذكر البقاعي أن إفراد ضمير "يقول"لقلة من يسمح من المنافقين بهذا القول، وفي هذا دلالة على غلظتهم وفسادهم وقوتهم (2).

وفي تصوري ـ والله أعلم ـ أن هذا التفسير غير كافٍ في بيان هذه النكتة، والذي يمكن أن يقال إن سر إفراد الضمير ثم جمعه هو إبراز الفارق بين حال قولهم "آمنا "وحال الحكم بعدم إيمانهم، فالقول هو ممارسة فردية يزاولها كل فرد من هؤلاء على حدة، حيث لا يتصور اجتماعهم معا كي يقولوا"آمنا " (وهذا سر الإفراد)،أما الحكم بعدم إيمانهم فهو حكم ينطبق عليهم جميعا في آن واحد (وهذا سر الجمع).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) انظر: البرهان في علوم القرآن:3/ 382،تفسير أبي السعود:1/ 48،روح المعاني للألوسي:1/ 146،التحرير والتنوير:1/ 262.

(2) انظر: نظم الدرر:1/ 40.

ـ[مهاجر]ــــــــ[26 - 08 - 2008, 09:29 ص]ـ

مسلك دقيق في الاستنباط!!!!

جزاك الله خيرا.

وقالوا مثل ذلك في: (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) فعلى ما تفضلت به: هل يقال الإسلام والإحسان أمران يختصان بالمكلف، والأجر عليهما خاص به، بخلاف الحكم بالأمن وعدم الحزن، فهو عام بقرينة نحو قوله تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)، فصيغة الموصول "الذين": صيغة عموم؟.

أرجو الإفادة.

والله أعلى وأعلم.

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[26 - 08 - 2008, 10:39 ص]ـ

جزاكم الله خيرا على هذا البيان يا أم عبد الرحمن

أختي الكريمة تفسيركم يتناول الإفراد في (يقول) والجمع في (وما هم بمؤمنين) ولكنه لا يفسر سر الجمع في (آمنا) ولماذا لم يقل: ومن الناس من يقول آمنت؟

لذلك أرى أن الإفراد في (يقول) هو كما ذكرت للإشارة إلى أن كل فرد منهم يقول ذلك القول، أما الجمع في (آمنا) فهو للإشارة إلى أن كل فرد منهم يتكلم باسم جماعته، فكل واحد منهم يقول: آمنا، ولا يقول: آمنت، وذلك للإشعار بأنهم ينتمون إلى جماعة تربطهم رابطة واحدة وهي رابطة النفاق، ولو أفرد الضمير فقيل: يقول آمنت، لما عرف أنهم جماعة واحدة، ولفهم أنهم مجموعة أفراد متفرقين لا تربطهم رابطة تجمعهم وتوحدهم، ولذلك لما أريد الإشارة إلى الأفراد الذين لا تربطهم رابطة توحدهم، وإنما هم أفراد متفرقون كل واحد منهم يدعو إلى الضلال أفرد الضمير في كل ما يعود إلى كل واحد منهم، وذلك في قوله تعالى في سورة البقرة:

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ.

هذا والله أعلم.

ـ[د/أم عبدالرحمن]ــــــــ[26 - 08 - 2008, 11:39 ص]ـ

أخي الأغر أنار الله دربك على هذه اللفتة البلاغية.

ولي عودة أخرى للرد على استفسار أخينا مهاجر.

ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[29 - 08 - 2008, 12:25 ص]ـ

جزيتم خيرا

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير