تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[إضاءات في المقصود بالقراءات القرآنية]

ـ[ابن عبد العزيز الرجداوي]ــــــــ[27 - 07 - 2008, 05:41 م]ـ

[إضاءات في المقصود بالقراءات القرآنية]

دكتور

أسامة عبد العزيز جاب الله

كلية الآداب – جامعة كفر الشيخ – مصر

القراءات القرآنية المتواترة بكل ما تحويه من ثراء لغوي وبلاغي، وما ترتّب عليها من أحكام فقهية وتشريعية، هي في مجملها تلوين صوتي مناسب وملائم لما تقتضيه طبيعة المدرج الصوتي لكل قبيلة من المسلمين إبّان عهد المصطفي ?، إذ كان من الشيء الصعب أن تقوم كل قبيلة منها باعتماد لهجة قريش والتخلّي عن لسانها، مخالفة بذلك سنّة الطبيعة البشرية التي تنفر من التغيير الفجائي. ولذا كان التيسير الإلهي على أمة المصطفي ? بقراءة القرآن الكريم على سبعة أحرف تناسب - بما تحويه من ألوان صوتية، وتوسعات نطقية – لسان كل قبيلة، وما ذاك إلا مراعاة إلهية جليلة لأحوال البشر في طبائعهم.

والزمن الذي نشأت فيه القراءات القرآنية، هو نفسه زمن نزول القرآن الكريم، ضرورة أن هذه القراءات قرآن نزل من عند الله فلم تكن من اجتهاد أحد، بل هي وحى أوحاه الله تعالي إلي نبيه ?، وقد نقلها عنه أصحابه الكرام - رضي الله عنهم - حتى وصلت إلي الأئمة القراء، فوضعوا أصولها، وقعّدوا قواعدها، في ضوء ما وصل إليهم، منقولاً عن النبي ?. وعلي ذلك، فالمعول عليه في القراءات، إنما هو التلقي بطريق التواتر، جمعٌ عن جمعٍ يؤْمَن عدم تواطؤهم علي الكذب، وصولاً إلي النبي ?. أو التلقي عن طريق نقل الثقة عن الثقة وصولاً كذلك إلي النبي ?.

وانطلاقاً من ذلك فإن إضافة هذه القراءات إلي أفراد معينين، هم القراء الذين قرأوا بها، ليس لأنهم هم الذين وضعوها أو اجتهدوا في تأليفها، بل هم حلقة في سلسلة من الرجال الثقات الذين رووا هذه الروايات ونقلوها عن أسلافهم، انتهاءً بالنبي ?، الذي تلقّاها وحياً عن ربه ?. وإنما نسبت القراءات إلي القراء لأنهم هم الذين اعتنوا بها وضبطوها ووضعوا لها القواعد والأصول.

ما سبب اختلاف القراءات؟

لقد عرفنا فيما مضى أن هذه القراءات منقولة عن النبي ?، ومعنى ذلك أن الوحي قد نزل بها من عند الله. والإجابة عن السؤال المطروح، لمسها الصحابة وقت نزول القرآن واقعاً لا نظرية، وذلك أن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا من قبائل عديدة، وأماكن مختلفة، وكما هو معروف أنه كما تختلف العادات والطباع باختلاف البيئات، فهكذا اللغة أيضاً، إذ تنفرد كل بيئة ببعض الألفاظ التي قد لا تتوارد علي لهجات بيئات أخرى، مع أن هذه البيئات جميعها تنضوي داخل إطار لغة واحدة، وهكذا كان الأمر، الصحابة عرب خلص بيد أن اختلاف قبائلهم ومواطنهم أدى إلي انفراد كل قبيلة ببعض الألفاظ التي قد لا تعرفها القبائل الأخرى مع أن الجميع عرب، والقرآن الكريم جاء يخاطب الجميع، لذلك راعى القرآن الكريم هذا الأمر، فجاءت قراءاته المتعددة موائمة لمجموع من يتلقون القرآن، فالتيسير علي الأمة، والتهوين عليها هو السبب في تعدد القراءات.

والأحاديث المتواترة الواردة حول نزول القرآن علي سبعة أحرف تدل علي ذلك:

* جاء في الصحيحين: عن ابن عباس ? أن رسول الله ? قال: " أقرأني جبريل علي حرف فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهي إلي سبعة أحرف " (). وزاد مسلم: " قال ابن شهاب: بلغني أن تلك السبعة في الأمر الذي يكون واحداً لا يختلف في حلال ولا حرام" ().

* وأخرج مسلم بسنده عن أبي بن كعب، أن النبي ? كان عند أَضَاة بنى غفار () قال: " فأتاه جبريل ? فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن علي حرف، فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك، ثم أتاه الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن علي حرفين، فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك، ثم جاء الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن علي ثلاثة أحرف، فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك، ثم جاءه الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن علي سبعة أحرف. فأيما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا " ().

والأحاديث الواردة في هذا المقام كثيرة. ويؤخذ من ذلك ما يلي:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير