تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ماهية الجملة]

ـ[ابن عبد العزيز الرجداوي]ــــــــ[17 - 07 - 2008, 12:48 ص]ـ

[ماهية الجملة]

دكتور

أسامة عبد العزيز جاب الله

كلية الآداب – جامعة كفر الشيخ

الجملة هي الأساس الذي تقوم عليه الدراسة النحوية، ودراستها هي الهدف الحقيقي من هذه الدراسة، وهي الوحدة التي يتألف منها كل كلام، كما أنها المركب الذي يحمل في ثناياه فكرة تامة، وهي الوسيلة التي يعبر بها المتكلم عما في نفسه من أفكار، فهي وسيلة نقل هذه الأفكار إلى الناس. فكل كلام ليس إلا مجموعة من الجمل المفيدة، والجملة المفيدة في اللغة العربية على نوعين هما: جملة اسمية، وجملة فعلية، ولكل نوع ركنان أساسيان لا يمكن الاستغناء عنهما، ولا يتم معنى الجملة إلى بهما معاً. وما عدا هذين الركنين فهو فضلات، أو مكملات، لكل منها وظيفتها التي توضح المعنى الأساسي في الجملة أو تفصله، أو تحدده، أو تخصصه تخصيصاً دلالياً.

ومع أن دراسة الجملة هي غاية النحو، إلا أن حظها من عناية النحاة كان قليلاً، إذ لم يخصصوا لها أبواباً مستقلة، وإنما عرضوا لها في ثنايا بحثهم موضوعات أخرى مثل؛ الخبر الجملة، والنعت الجملة، والحال الجملة.

وقد استعملت (الجملة) من قبل النحاة بمعنىً اصطلاحي مرادف للكلام في القرن الثالث الهجري، ولعلّ المبرّد أوّل من استعملها بهذا المعنى في مواضع متفرّقة من كتابه (المقتضب)، حيث قال: " وإنّما كان الفاعل رفعاً؛ لأنه هو والفعل جملة يحسن السكوت عليها وتجب بها الفائدة " ().

ويقول الفارسيّ (ت 377 هـ) في تعريفه الموجز للجملة أنها: " ما ائتلف من هذه الألفاظ الثلاثة [الاسم والفعل والحرف] كان كلاماً، وهو الذي يسمّيه أهل العربيّة: الجمل " ().

وربّما كان الرمّاني من أوائل من عرّفها أيضاً بقوله: " الجملة هي المبنيّة من موضوع ومحمول للفائدة " (). وهو تعريف يمنحها مضموناً مماثلاً لمضمون الكلام اصطلاحاً.

ويساوي ابن جنّي بين الكلام والجملة إذ يقول: " أمّا الكلام: فكل لفظ مستقلّ بنفسه مفيد لمعناه، وهو الذي يسمّيه النحويّون: الجَُمل " ().

وقد درج على استعمالها بهذا المعنى جمع من النحاة كعبد القاهرالجرجاني ()، والزمخشري ()، وابن الخشّاب (ت 567 هـ) ()، وأبي البقاء العكبري ()، وابن يعيش (). وجاء ابن مالك فصرّح بالفرق بين الجملة والكلام، إذ عرّف الكلام بقوله: " الكلام ما تضمّن من الكلم إسناداً مفيداً مقصوداً لذاته " ().

وقد أراد بقيد (لذاته) إخراج ما هو مقصود لغيره كجملة الصلة ()، نحو: (جاءَ أبوه)، من قولنا: (جاء الذي قام أبوه)، فهي جملة وليست كلاماً؛ لاَنّ الإسناد فيها " ليس مقصوداً لذاته، بل لتعيين الموصول وتوضيحه، ومثلها الجملة الخبرية والحالية والنعتيّة " ()؛ إذ لم تقصد لذاتها، بل لغيرها، فليست كلاماً، بل جزء كلام.

وذهب الرضي هذا المذهب أيضاً فقال: " والفرق بين الجملة والكلام: أنّ الجملة ما تضمّنَ الإسناد الأصلي، سواءً كانت مقصودة لذاتها أو لا ... فكل كلام جملة ولا ينعكس " ().

وقد عرّف ابن هشام الكلام والجملة للتفرقة بينهما، فقال في تعريف الكلام: " هو القول المفيد بالقصد. والمراد بالمفيد ما دلّ على معنى يحسن السكوت عليه " (). أما تعريف الجملة فيرى أنها " عبارة عن الفعل وفاعله، كـ (قام زيدٌ)، والمبتدأ والخبر كـ (زيد قائم)، وما كان بمنزلة أحدهما نحو: ضُرِبَ اللصُّ، وأقائم الزيدان، وكان زيدُ قائماً، وظننته قائماً " ().

ويتابع ابن هشام النحويين في التفرقة بين الكلام والجملة، فقد قال بعد تعريف كلّ من الكلام والجملة: " أنهما ليسا مترادفين ... والصواب أنّها أعمّ منه؛ إذ شرطه الإفادة بخلافها " ()، " فكلّ كلام جملة ولا ينعكس، ألا ترى أنّ نحو (إنْ قام زيد) من قولك: (إنْ قام زيد قام عمرو) يسمّى جملة ولا يسمّى كلاماً " ().

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير