تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من حديث: ( ......... فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ ....... )

ـ[مهاجر]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 06:17 ص]ـ

من حديث: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ).

يا: نداء لاسترعاء انتباه السامع، فإن كان غافلا، فنداء البعيد به أليق، وإن كان حاضر الذهن، فنداء البعيد في حقه مظنة التوكيد فالأمر خطير جد خطير.

معشر الشباب: نداء من يصح تعليق الحكم بعده به أمرا أو نهيا، فالشباب: مظنة فوران الشهوة، فلا يقتصر الحديث على فئة الشباب العمرية، وإنما يتعلق بكل من خشي العنت، وإن كان شيخا كبيرا.

مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ: شرط للإلهاب والتهييج على امتثال ما بعده، فالزواج في غالب أحواله: مستحب، وقد يرتقي إلى الوجوب إن خشي على نفسه العنت، والمستحب والواجب مظنة الحض من صاحب الشريعة صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأتباع رسالته.

الباءة: جاء في اللسان: "أَراد بالباءة النكاحَ والتَّزْويج ويقال فلان حَريصٌ على الباءة أَي على النكاح ويقال الجِماعُ نَفْسُه باءةٌ والأصلُ في الباءةِ المَنْزِل ثم قيل لِعَقْدِ التزويج باءةٌ لأَنَّ مَن تزوَّج امرأَةً بَوَّأَها منزلاً". اهـ

فللفظ: حقيقة لغوية مهجورة هي: "المنزل"، ومجاز مشتهر هو: "النكاح"، عند من يثبت المجاز في اللغة، فينزل منزلة الحقيقة العرفية التي تقدم على الحقيقة اللغوية، لأن اشتهار المجاز وهجر الحقيقة رجح تقديم الأول وتأخير الثانية.

وقد يقال بأن في اللفظ كناية عما يستحى ذكره صراحة من أمر الرجل مع أهله، والكناية: انتقال من ملزوم إلى لازم، واتخاذ المنزل لإسكان الزوجة لازمه الدخول بها فيه، فانتقل الذهن من الملزوم إلى اللازم بلا تكلف ولا عناء، مع صحة إرادة كلا المعنيين، فالناكح يتخذ المنزل ليدخل بزوجه فيه.

وقد فسر بعض أهل العلم "الباءة" بالقدرة على النكاح خاصة، وعمم بعض آخر فقال: بل مؤونة الزواج من مسكن ونفقة وقدرة على النكاح ........... إلخ، وفي حمل النص على عمومه: إثراء للمعنى، ويشكل عليه أن السياق يرجح معنى النكاح خاصة، إذ أرشد من ابتغى العفاف إلى تحصيل أسبابه.

وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ: الوجه الثاني للقسمة العقلية فإما: مستطيع مأمور بالنكاح، وإما عاجز مأمور بالصبر والاستعفاف بالصوم فإنه يزكي النفس ويطفئ نار الشهوة.

وفي قوله: "فعليه بالصوم": مشعر بلزومه، فلو جاء الأمر مطلقا، لما كان فيه من معنى الملازمة والاستمرار ما في اسم الفعل "عليه".

وقد تقرر في الأصول أن الأمر المجرد لا يفيد التكرار، وإنما يخرج المكلف من عهدته بامتثاله مرة واحدة، وهو غير مقصود هنا، إذ صوم يوم واحد لا يقطع شهوة مبتغي النكاح.

فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ: الوجاء: رض الخصيتين وهذا مما يقطع الشهوة مطلقا، ففي الكلام تشبيه بليغ إذ حذف أداة التشبيه ووجه الشبه، فتقدير الكلام: فإنه كالوجاء من جهة قطعه شهوة النكاح، ولا يلزم من الشبه: التماثل، فإن الوجاء، كما تقدم، يقطع شهوة النكاح مطلقا، بينما الصوم يقطعها إلى حين. فمتى وجد طالب النكاح إليه سبيلا، صار النكاح في حقه أولى فيعدل عن المفضول إلى الفاضل.

وفي تقديم ما حقه التأخير "له": إشعار بالحصر والتوكيد.

وقد استنبط بعض أهل العلم من هذا الحديث أن المشروع في هذا الباب: النكاح، فإن عجز فالصوم، فلا حجة لمن أباح الاستمناء، إذ لو كان مشروعا لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولو على سبيل الضرورة، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة في حقه عليه الصلاة والسلام، فليس ثم إلا النكاح أو الصبر إلى أن ييسر الله، عز وجل، أسبابه.

والله أعلى وأعلم.

ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 09:17 ص]ـ

بوركت أخي مهاجر على هذه الفوائد هنا جعلها الله في ميزانك لتثقله يوم العرض.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير