كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ
ـ[مهاجر]ــــــــ[10 - 07 - 2008, 09:35 ص]ـ
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبِي فَقَالَ كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الصَّبَاحَ وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الْمَسَاءَ وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ.
كن: أمر إرشاد.
غريب أو عابر سبيل: ترقي من الأدنى إلى الأعلى، فإن الغريب قد يقيم في البلد مع كونه من غير أهلها بخلاف عابر السبيل فإنه غير مقيم، قولا واحدا، وهذا أبلغ في التخفف من متاع الدنيا الزائل إلا ما كان عونا على إقامة الدين.
فتكون "أو": من باب الإضراب، فيؤول المعنى إلى: كن في الدنيا كأنك غريب بل عابر سبيل، كما في قوله تعالى: (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ)، أي: بل يزيدون.
إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الصَّبَاحَ وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الْمَسَاءَ:
مقابلة بين جملتين: "إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الصَّبَاحَ"، و: "وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الْمَسَاءَ".
وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ: طباق إيجاب بين: "صحتك" و "مرضك".
وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ: طباق إيجاب، أيضا، بين: "حياتك" و "موتك".
فيكون أبلغ في أداء المعنى فبضدها تتميز الأشياء.
والله أعلى وأعلم.
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[10 - 07 - 2008, 02:16 م]ـ
جميل ما أتيت به وإنا لنطمع منك بالشيء الكثير.
ـ[صاحبة السر العنيد]ــــــــ[10 - 07 - 2008, 11:53 م]ـ
رائع و لا نستغني عن المزيد!! أثابك المولى.
ـ[العبد اللطيف]ــــــــ[11 - 07 - 2008, 10:30 ص]ـ
نعم مثال ذلك الدنيا والآخرة: المسافرون خارج أوطانهم غرباء من أجل العمل
والمال، نراهم يعيشون عيشة الغرباء حتى الأغنياء منهم، بيوتهم بسيطة و
أثاثها بسيط ومستعمل فى الغالب و إذا أضطر لشراء سيارة فتكون بسيطة،
حتى الملابس
على قدر الضرورة و تجد كلا منهم همه دائما أن يرسل بأمواله و مقتنياته إلى
وطنه، إلى وطنه حيث دار الاستقرار. و ربما يظل الواحد هناك فى الغربة
عشرين سنة أو ثلاثين سنة و مشاعره هى هى، غريب لا يحدث نفسه بطول
البقاء هناك، مع أنه ربما يموت هناك.
ـ[العبد اللطيف]ــــــــ[11 - 07 - 2008, 10:36 ص]ـ
يُحكى أن رجلاً كان يحاسب نفسه، فحسب يوماً
سني عمره، فوجدها ستين سنة. فحسب أيامها، فوجدها واحداً وعشرين ألف يوم
وخمسمائة يوم. فصرخ صرخة، و خرّ مغشياً عليه. فلما أفاق قال: يا ويلتاه، أنا آتي
ربي بواحد وعشرين ألف ذنب وخمسمائة ذنب؟!
يقول هذا لو كان يقترف ذنباً واحداً في كل يوم، فكيف بذنوب كثيرة لا تحصي؟
ثم قال: آه عليّ، عمرت دنياي، وخربت أخراي، وعصيت مولاي، ثم لا أشتهي
النقلة من العمران إلى الخراب. وأنشد:
منازل دنياك شيّدتها ... وخرّبت دارك في الآخرة
فأصبحت تكرهها للخراب ... وترغب في دارك العامرة