تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[قراءة صلاتهم وصلواتهم بين المفسرين وأهل القراءات]

ـ[محمد احمد محمود شلبي]ــــــــ[27 - 07 - 2008, 11:01 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

ورد مدح المؤمنين بالمحافظة على الصلاة، وقد ورد التعبير عن هذا المعنى في الكتاب الحكيم بقراءتين: فقد قرئ بالإفراد، كما قرئ بالجمع، وذلك في الآية التاسعة من سورة المؤمنون وهي قوله تعالى: ?وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ? (المؤمنون:9) إذ قرأها بلفظ المفرد «صلاتهم» حمزة والكسائي، وخلف، وقرأها الباقون من القراء بلفظ الجمع «صلواتهم» وكلها قراءات سبعية متواترة صحيحة، أما أول السورة فقد جاءت بلفظ المفرد وذلك قوله تعالى:? قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ? (المؤمنون:1، 2).

بينما اتفق القُرَّاء على القراءة بالإفراد في كلٍ من سورتي الأنعام والمعارج، فقد قرءوا قوله تعالى في سورة الأنعام: ?وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ? (الأنعام:92) بلفظ المفرد، وكذلك في سورة المعارج قرئ بلفظ المفرد في موضعين من السورة الكريمة، أولهما الآية الثالثة والعشرون وهي قوله تعالى: ?الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ? (المعارج:23)، وثانيهما في الرابعة والثلاثين من السورة وهي قوله تعالى: ?وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ? (المعارج:34).

ولقارئ القرآن الكريم أن يتساءل عما إذا كان اختلاف التعبير بالمفرد والجمع في القراءتين الكريمتين يعود لسر بلاغي أم أنه من باب التفنن في التعبير والتنويع في الأداء كي لا يمل القارئ أو السامع؟

وقد تعرض الأئمة من القراء والمفسرين لتوجيه القراءتين، كلٌّ بما فتح الله له، من أسرار كتابه، فالإمام بن الجزري رحمه الله تعالى ينسب القراءتين إلى أصحابهما ثم يذهب في التوجيه إلى أن للسياق التي وردت فيه كل قراءةٍ دروا هاما في مجيء كلٍ في مكانه، ففي سورة المؤمنون ورد من القرائن والشواهد ما يرجح مجيء الجمع، مما هو من صفاتهم العظيمة التي اتصفوا بها، ثم الجزاء العظيم الذي رصده الله تعالى لهم، فناسب أن يأتي لفظ الجمع بما يحمله من الدلالة على الكثرة المناسبة لمقام التعظيم والمدح؛ بينما يرى رحمه الله تعالى أن قراءة الإفراد في الأنعام والمعارج لم تتوفر فيها تلك القرائن التي في المؤمنون فكان التعبير بالمفرد طبيعيا في هذا المقام، وهذا نص الإمام ابن الجزري رحمه الله تعالى في النشر: «واختلفوا في:? عَلَى صَلَوَاتِهِمْ? فقرأ حمزة والكسائي، وخلف بالتوحيد وقرأها الباقون بالجمع، واتفقوا على الإفراد في «الأنعام»، و «المعارج» لأنه لم يكتنفها فيهما ما اكتنفها في المؤمنون (قبل، وبعد) من تعظيم الوصف في المتقدم وتعظيم الجزاء في المتأخر فناسب لفظ الجمع وكذلك قرأ به أكثر القراء ولم يكن ذلك في غيرها فناسب الإفراد والله أعلم» ()

أما ابن زنجلة رحمه الله تعالى فيذهب في التعليل للقراءتين مذهبا لفظيا إذ يرى أن للرسم دخلا في القراءة بكل من الإفراد والجمع فيقول: «قرأ حمزة والكسائي «والذين هم على صلاتهم يحافظون» على التوحيد وحجتهما إجماع الجميع على التوحيد في سورة «الأنعام» و «سأل سائل» عند قوله: ?الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ? (المعارج:23)، فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه، وقرأ الباقون «على صلواتهم» على الجمع وحجتهم أن هذه مكتوبة بالمصحف بواو وكذلك في «براءة» «و هود» فكان هذا دليلا على الجمع وكتبوا ما عدا هذه الثلاث «الصلاة» بألف من غير واو ولم يكتبوا الألف بعد الواو اختصارا وإيجازا وقد روي في التفسير أنه عنى الصلوات الخمس فجعلوها جمعا لذلك» ()

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير