تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[حركات الحروف في الكلمة القرآنية]

ـ[ابن عبد العزيز الرجداوي]ــــــــ[06 - 07 - 2008, 12:45 ص]ـ

[حركات الحروف في الكلمة القرآنية]

دكتور

أسامة عبد العزيز جاب الله

كلية الآداب – جامعة كفر الشيخ

اشترط أهل اللغة لفصاحة الكلمة أن تكون خفيفة الحركات ليسهل النطق بها، وتلذ في المسمع، فتنأى بذلك عن حيز الثقل والتنافر. ولذا قرر أهل الفصاحة استثقال الضمة على الواو، والكسرة على الياء، لأن الضمة من جنس الواو، والكسرة من جنس الياء، فتكون عند ذلك كأنها حركتان ثقيلتان.

وتوزيع الحركات جزء من نظم الكلام، وتأليف الأصوات في الصياغة اللفظية، لأن منها ما هو خفيف، ومنها ما هو ثقيل. وخفة الحركات من شروط فصاحة التعبير. يقول ابن الأثير: " إذا توالى حركتان خفيفتان في كلمة واحدة لم يستثقل، وبخلاف ذلك الحركات الثقيلة، فإنه إذا توالى حركتان منها في الكلمة استثقلت. ومن أجل ذلك استثقلت الضمة على الواو والكسرة على الياء " ().

وأهل اللغة يميلون بطبعهم إلى تخفيف الكلام توفيراً للجهد العضلي المبذول فيه، ولذا ينزعون إلى تغيير بعض الأصوات ما أمكنهم التخفيف في نطقها، والانسجام الصوتي فيها. وأجود ما تكون الكلمة إذا كانت ساكنة الوسط، وإن توالت فيها ثلاث فتحات، فهذا أخف من وجود الضم في الوسط، ولذلك فإن كلمة (سَمَكاً) أخف كثيراً من كلمة (عَضُد).

ويرى د. أحمد عفيفي أنه نظراً لأن " الجهاز النطقي يمتلك إمكانية محددة في نطق الكلمات مع الحركات الموجودة على حروفها، فلم نسمع عن توالي أربعة متحركات في كلمة، أو خمسة في كلمتين، لثقل ذلك على الجهاز النطقي " ().

ونتيجة لهذا نجد أن الفصحى تضحي ببعض الحركات لطلباً للتناسب الحركي والخفة النطقية، وجريان موسيقى الأصوات. فاللسان العربي يكره الخروج والانتقال من الكسر إلى الضم في الحركات اللازمة في البناء الثابت، وذلك لان في هذا الانتقال خروجاً مما هو جزء من الياء (الكسر) إلى الضم الذي هو شيء من التفخيم. ويرى أهل الصرف أن هذا الانتقال من الكسر إلى الضم ثقيل، وثقله " ليس راجعاً إلى الحروف، وإنما هو استثقال منهم للخروج من ثقيل إلى ما هو أثقل " (). وقد أنكر الرضي حدوث مثل هذا الانتقال تماماً، ونسبته - إن وجد – إلى الشواذ نظراً لقلة ما ورد عليه من كلمات وندرته ().

وقد حدا هذا الثقل بالصرفيين إلى تقرير ما تنهجه العربية الآن للتخلص من دواعي الثقل في ألفاظها، وذلك من خلال هجوم الحركات على الحركات، أو الإبدال للحركة المناسبة، أو الإتباع، وذلك طلباً للخفة والتوافق الحركي، الذي هو " تأثير الحركة الأساسية في الكلمات أو المقاطع على الحركة التالية أو السابقة بالمماثلة " ().

وعلى الرغم من هذه التقريرات اللغوية في جانب استثقال بعض الانتقالات بين الحركات، وتنافر الجمع بين الحركات الثقيلة إذا توالت في كلمة واحدة، فإننا نجد القرآن الكريم يوظف هذا الملحظ في السياق النصي وفقاً لمقتضيات جمالية رائعة. ويتضح ذلك بصورة أكبر عندما نضع أيدينا على المواضع التي وظف فيها القرآن الكريم ملحظ توالي الحركات بلا ثقل أو تنافر من خلال الجدول التالي:

م السورة رقم الآية الآية الوصف الحركي

1 - البقرة 67 إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً توالي ثلاث ضمات

2 - **** 169 إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء توالي ثلاث ضمات

3 - النساء 11 وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ توالي ثلاث ضمات

4 - ... 11 فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ توالي ثلاث ضمات

5 - **** 11 فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ توالي ثلاث ضمات

6 - **** 12 فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم توالي ثلاث ضمات

7 - الأنعام 61 تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ توالي ثلاث ضمات

8 - التوبة 61 وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ توالي ثلاث ضمات

9 - **** 70 أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ توالي أربع ضمات

10 - هود 81 قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ توالي ثلاث ضمات

11 - الرعد 35 أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا توالي ثلاث ضمات

12 - الإسراء 59 وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ توالي أربع فتحات

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير