تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الانتقال من الكلمة إلى متعلقها المعنوي]

ـ[ضاد]ــــــــ[25 - 05 - 2008, 03:52 م]ـ

يقول الله في سورة آل عمران:

(أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ)

حيث انتقل من \لعنة الله\ إلى متعلقها المعنوي الذي هو \النار\ حيث \لا يخفف عنهم العذاب\ فيها. والله تعالى أعلم.

تفكرت في الآيتين حين سمعتهما قبل قليل.

ـ[مهاجر]ــــــــ[26 - 05 - 2008, 07:52 ص]ـ

جزاك الله خيرا أخي ضاد.

فالمسألة أشبه ما تكون بالبيان بعد الإجمال، فاللعنة: مجملة فسرت بـ: "النار" كما ذكرت، وحالهم في النار مجمل بينه ما بعده: "خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ".

ومن باب المدارسة تأمل أيها الكريم:

الإشارة إليهم باسم الإشارة: "أُوْلَئِكَ": الذي يشار به إلى البعيد، تحقيرا لشأنهم، فالبعد هنا سفلي، لا علوي كما في آيات المؤمنين نحو قوله تعالى: (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، فصار اللفظ الواحد: مشتركا لفظيا مجملا، بل يمكن اعتباره من الأضداد التي تدل على المعنى وعكسه في آن واحد، وهذا أشد إجمالا، فلا يحصل بيانه إلا بقرينة السياق، فإن كان الكلام عن معظم صار للتعظيم، وإن كان الكلام عن محقر صار للتحقير.

وقد أكد وقوع اللعنة عليهم بـ:

"أَنَّ": المؤكدة، و: تقديم ما حقه التأخير في: "عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ"، فأصلها: لعنة الله والملائكة والناس أجمعين عليهم، و: اسمية الجملة التي تدل على الثبوت والاستمرار فهي لعنة دائمة، و: تعدد جهات اللعن: من الله، عز وجل، والملائكة، والناس، مع توكيد ذلك بـ: "أجمعين"، فكلها مؤكدات تزيد المعنى قوة.

ويمكن أن يقال بأن: "الناس" في الآية من: العام الذي أريد به خاص، فيكون مجازا عند من يقول به، فليس اللاعنون كلَ الناس حقيقة، لأن منهم كفارا مثلهم يشتركون معهم في اللعنة، فيكون المقصود: الناس الذين يعتد بلعنهم، كما أشار إلى ذلك أبو السعود، رحمه الله، وهم المؤمنون، فهم الصنف الناجي الذي استأثر بالاسم العام في هذا السياق.

وفي قوله: "خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ": عود للضمير في "فيها" على غير مذكور، إن قصد عوده على النار، فيكون ذلك لفخامة شأنها ونباهة ذكرها فهي غنية عن الذكر، لاسيما وقد دل السياق عليها، فاللعنة دالة عليها دلالة المقتضي لمقتضاه، فمقتضى وقوع لعنة الله، عز وجل، عليهم أنهم في النار خالدون.

وفي قوله: "ولا هم ينظرون": أكد اختصاصهم بذلك بالضمير "هم"، فهم لا غيرهم الذين لا ينظرون، فضلا عن اسمية الجملة، فإيثارها لإفادة دوامِ النفي واستمراره كما أشار إلى ذلك أبو السعود رحمه الله.

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير