تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من أحاديث السحور]

ـ[مهاجر]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 06:30 ص]ـ

من حديث أنس بن مالك، رضي الله عنه، مرفوعا: (تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً).

تسحروا: أمر صريح صرفه الإجماع من الوجوب إلى الاستحباب.

فإن في السحور بركة: نص على العلة، فالسياق قد دل اقتضاء على سؤال مقدر، فإن الأمر يثير في نفس السامع السؤال عن علته، فكأنه استفهم عن ذلك بـ: لماذا؟، فجاءه الجواب مؤكدا بـ:

"إن"، واسمية الجملة، وتقديم ما حقه التأخير لعلة نحوية إذ لا يجوز الابتداء بالنكرة "بركة"، وعلة بلاغية إذ قد اطرد من كلام البلاغيين ان تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر والتوكيد.

بركة: نكرة تفيد التعظيم، ففي السحور بركة أي بركة!!!.

*****

ومن حديث ابن عمر، رضي الله عنهما، مرفوعا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتُهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ)

توكيد بـ: "إن"، واسمية الجملة، وتكرار الفاعل في الخبر "يصلون"، فيكون قد ذكر أولا: الله وملائكته، فالمبتدأ قبل دخول الناسخ عليه واسم الناسخ بعد دخوله على المبتدأ: فاعل في المعنى، وثانيا كفاعل حقيقي: واو الجماعة في يصلون، فضلا عن كون جملة الخبر مضارعة تفيد الحدوث والتجدد، فكلما أحدث العبد سحورا صلى الله وملائكته عليه وهذا التكرار مما يلهب المخاطب ويحمله على تحري الفعل امتثالا لأمر الشارع، عز وجل، وطلبا لهذه المنقبة العظيمة.

*****

وحديث الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، رضي الله عنه، مرفوعا: (عَلَيْكُمْ بِغِذَاءِ السَّحَرِ فَإِنَّهُ هُوَ الْغِذَاءُ الْمُبَارَكُ).فـ: "عليكم": مشعرة بملازمة الفعل، ففيها من التوكيد ما ليس في الأمر الصريح، فهي تتضمن الأمر وزيادة.

فإنه هو الغذاء المبارك: توكيد بـ: "إن"، واسمية الجملة التي تدل على الثبوت والاستمرار، وضمير الفصل "هو" وتعريف جزأي الجملة: هو الغذاء المبارك، قبل دخول الناسخ على الضمير "هو" الذي اتصل به في "إنه".

و "الغذاء": خبر موطئ لما بعده، ففيه نوع تشويق بإبهام أزاله البيان الذي تلاه مباشرة، فإن السامع يدرك أن السحور غذاء، فليس ذلك محط الفائدة، وإنما محطها في وصف الخبر: "المبارك"، كما قيل في قوله تعالى: (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ)، فالخبر "قوم" موطئ لما بعده فوصفهم بالإسراف هو محط الفائدة التي وطئ لها، فليس المقصود الإخبار عنهم بأنهم قوم فإن هذا يعرفه كل أحد، وإنما المقصود لفت انتباه السامع إلى الحكم الذي وصفوا به، فهم قوم موصوفون بالإسراف، فصار محط الفائدة هو الموطأ له: "مسرفون".

*****

وحديث عمرو بن العاص، رضي الله عنه، مرفوعا: (فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ):

تقديم المسند تشويقا إلى معرفة المسند إليه، فإن الحكم مما يسترعي انتباه المكلف إذ ما الذي يميز يفصل عبادة المؤمن عن عبادة غيره؟ فجاء الجواب مباشرة بعد تهيئة الذهن لاستقباله: إنه أكلة السحر.

والله أعلى وأعلم.

ـ[ندى الرميح]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 07:03 ص]ـ

بارك الله في علمك، وأجزل مثوبتك أستاذ مهاجر ..

وقفات مباركة تقبس من بركة السحور، واسمح لي - مشكورًا - بمشاركتك التأمل في البيان الكريم.

من حديث أنس بن مالك، رضي الله عنه، مرفوعا: (تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً).

فإن في السحور بركة: نص على العلة، فالسياق قد دل اقتضاء على سؤال مقدر، فإن الأمر يثير في نفس السامع السؤال عن علته، فكأنه استفهم عن ذلك بـ: لماذا؟، فجاءه الجواب مؤكدا بـ:

"إن"، واسمية الجملة، وتقديم ما حقه التأخير لعلة نحوية إذ لا يجوز الابتداء بالنكرة "بركة"، وعلة بلاغية إذ قد اطرد من كلام البلاغيين ان تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر والتوكيد.

على هذا التأويل، تكون الجملة مفصولة عما قبلها؛ لشبه كمال الاتصال بينهما.

ومع الحصر والتوكيد، فإن التقديم مشعرٌ بالاعتناء بفضل السحور.

ومن حديث ابن عمر، رضي الله عنهما، مرفوعا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتُهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ)

توكيد بـ: "إن"، واسمية الجملة، وتكرار الفاعل في الخبر "يصلون"، فيكون قد ذكر أولا: الله وملائكته، فالمبتدأ قبل دخول الناسخ عليه واسم الناسخ بعد دخوله على المبتدأ: فاعل في المعنى، وثانيا كفاعل حقيقي: واو الجماعة في يصلون، فضلا عن كون جملة الخبر مضارعة تفيد الحدوث والتجدد، فكلما أحدث العبد سحورا صلى الله وملائكته عليه وهذا التكرار مما يلهب المخاطب ويحمله على تحري الفعل امتثالا لأمر الشارع، عز وجل، وطلبا لهذه المنقبة العظيمة.

لا تفوت الإشارة إلى أن تعريف المسند إليه باسم الجلالة الأعظم، وعطف الملائكة عليه فيه تعظيم للسحور أي تعظيم، وتشريف للمتسحرين أي تشريف!

وحديث عمرو بن العاص، رضي الله عنه، مرفوعا: (فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ):

تقديم المسند تشويقا إلى معرفة المسند إليه، فإن الحكم مما يسترعي انتباه المكلف إذ ما الذي يميز يفصل عبادة المؤمن عن عبادة غيره؟ فجاء الجواب مباشرة بعد تهيئة الذهن لاستقباله: إنه أكلة السحر.

ما أروع تقديم المسند هنا، وما أبينه، وما أبلغه! بعد تشوّف النفوس له، وترقب الأذهان لكنهه.

وفي مجيء (أكلة) على وزن فعْلة، ما يشي بإغراء وتحبيب في السحور.

والله - تعالى - أعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير