تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من قوله تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ......... )

ـ[مهاجر]ــــــــ[17 - 04 - 2008, 08:22 م]ـ

من قوله تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا)

قوله تعالى: (يا أهل الكتاب): نداء البعيد هنا يدل على غفلة المخاطَب، وأي غفلة أعظم من غفلة المُثَلِث عن التوحيد؟!!!.

و: "أهل الكتاب": عام يشمل أصحاب الكتابين: اليهود والنصارى، أريد به في هذا الموضع: خاص، وهو: أهل الكتاب الثاني: النصارى، ففي النداء: تجريدٌ للخطاب وتخصيصٌ له بالنصارى زجراً لهم عما هم عليه من الكفر والضلال، كما يقول أبو السعود رحمه الله.

قوله تعالى: (ولا تقولوا على الله إلا الحق):

ضمن الفعل: "قال" معنى الفعل: "ادعى"، فتقدير الكلام: لا تدعوا على الله إلا الحق، والتضمين باب واسع في لغة العرب في الأفعال وفي الحروف على قول بعض النحاة، ومن المحققين من قال بأن التضمين في الأفعال أولى من التضمين في الحروف عند اجتماعهما، كما في قوله تعالى: (عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا)، فالقول بتضمين الفعل: "يشرب" معنى الفعل: "يروى" أول من تضمين الباء في: "بها" معنى حرف الجر: "من"، فالسياق يحتمل كليهما: عينا يروى بها عباد الله، و: عينا يشرب منها، ووجه ترجيح الوجه الأول على الثاني أن فيه زيادة معنى، فالري: شرب وزيادة، بخلاف الشرب فلا يدل بمادته على الري، فكل ري شرب ولا عكس، وتضمين "يشرب" معنى "يروى" فيه تأسيس فائدة جديدة، بخلاف تضمين الباء معنى "من"، فلا جديد فيه، وقد تقرر أن الكلام إذا دار بين التأسيس والتأكيد فحمله على التأسيس أولى، مع أن في التوكيد فائدة جديدة ولكنها تابعة للمعنى الأول فلا تفيد معنى مستقلا، فكيف إذا كان مقابل التأسيس أصل المعنى بلا توكيد، فلا فائدة ولو تابعة فيه، وإنما سيق لمجرد تقرير المعنى الأصلي.

قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ):

قصر المسيح عليه الصلاة والسلام على صفة الرسالة، وهو: قصر قلب إضافي: لأنه يقلب اعتقاد القوم في المسيح عليه الصلاة والسلام، فليس قصرا حقيقيا، لأن المسيح صلى الله عليه وسلم ليس رسول الله فقط، وإنما له من الصفات غير صفات الرسالة ما يشاركه فيها بقية البشر، كسائر صفات الذات والأفعال البشرية.

ونسبه إلى أمه: مريم البتول، عليها السلام، إمعانا في إثبات بشريته في مقابل من ادعى أنه: الله، أو: ابن الله، تعالى الملك الحق عما يقولون علوا كبيرا.

ومثله القصر في قوله تعالى: (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ):

فهو قصر قلب في مقابل ادعاء من غلا في المسيح عليه الصلاة والسلام.

فالقصر هنا كالقصر في قوله تعالى: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ)، فإن القصر هنا ليس حقيقيا بدليل ورود نصوص أخرى في الكتاب والسنة فيها زيادة محرمات على المذكورات في الآية، كـ:

قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير