تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[استفسار في مخالفة ظاهر الكلام]

ـ[7746]ــــــــ[11 - 05 - 2008, 04:26 م]ـ

:::

مرحبا بالجميع ...

سؤالي:

هل يأتي فعل مستقبل يكون لماضي الزمان؟؟؟

أفيدونا،،،،،،،،،،،،

ـ[مهاجر]ــــــــ[12 - 05 - 2008, 05:49 ص]ـ

ومرحبا بك أيها البلاغي الكريم.

يأتي المضارع، وهو للحال والاستقبال، دالا على الماضي استحضارا لصورة المعنى في نحو:

قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)، فتقدير الكلام: فأصبحت الأرض مخضرة، ولكنه جاء بالمضارع استحضارا للصورة.

فالمعنى الأصلي قد أُدِيَ، فعرف المخاطب أن الله، عز وجل، أنزل من السماء ماء صير الأرض مخضرة، بإذنه فنسبة الإنبات إلى الماء: مجاز إسنادي فالمنبت حقيقة هو الله عز وجل، ولكن التعبير عن الماضي بصيغة المضارع أفاد استحضار الصورة، وكأن المطر قد نزل الآن فأصبحت الأرض مخضرة، وهذا معنى تابع لا يدرك ابتداء من مبنى الكلمات التي صيغت منها الجملة.

وقوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا)، فتقدير الكلام: فأثارت سحابا، ولكنه جاء بالمضارع استحضارا للصورة، ومثاله قوله تعالى: (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ).

وقوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ)، فالمعنى: لو أطاعكم في كثير من الأمر، ولكنه جاء بالمضارع لإفادة الاستمرار فيما مضى، فالمعنى: لو استمر على طاعتكم لهلكتم، فلوحظ معنى الاستمرار في المضارع، وإن كان الفعل ماضيا قد انقضى، فالمقصود من المضارع أصالة: معنى الاستمرار فيه.

وقوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)، في قراءة من رفع: "يقولُ"، استحضارا للصورة المنقضية، فقول الرسول قد انتهى، ولذا امتنع نصب "يقول" على هذا التأويل لأن نصبها يمحضها للاستقبال، والكلام، كما تقدم، ماض انتهى.

وقوله تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

فالبيت قد رفعت قواعده، وانتهى الأمر، فيصح في غير القرآن أن يقال: وإذ رفع إبراهيم القواعد من البيت، ولكنه جاء بالمضارع: "يرفع" استحضارا للصورة.

وقوله تعالى: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ).

فالقياس: وإذ قلت للذي أنعم الله عليه، ولكنه أتى بالمضارع استحضارا للصورة، لأن في القصة من العبر والأحكام ما يستحق التدبر.

وقوله تعالى: (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).

فجاء بالمضارع في: "تَحُسُّونَهُمْ"، و: "تُصْعِدُونَ" استحضارا لصورة القتال.

وقوله تعالى: (وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ)، فالمعنى: إذ ألقوا أقلامهم، فأتى بالمضارع استحضارا للصورة.

وقولك: هجم الذئب وأنا أصك عينيه، فتقدير الكلام: فصككت عينيه، ولكنه عبر بالجملة الحالية، وفعلها مضارع: أصك، التي تفيد وقوع الفعل في الزمن الحاضر، استحضارا للصورة.

ومنه قوله تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)، فتقدير الكلام: ثم قال له: كن فكان، فجاء بالمضارع استحضارا للصورة، لأن الآية نزلت في جدال النصارى الذين غلوا في المسيح صلى الله عليه وسلم، فاستحضار الصورة يقرب الأمر إلى عقولهم فكأنه رأي عين، وفي هذا إبطال لمعتقدهم الفاسد.

والله أعلى وأعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير