تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الإعجاز البلاغي]

ـ[أحلام]ــــــــ[15 - 05 - 2008, 06:36 م]ـ

:

:::يعد الإعجاز البلاغي وجهاً من الوجوه البارزة الواضحة للإعجاز القرآني بصفةٍ عامةٍ، وهو يصلح لأن يلازمه على مر الزمن، والإعجاز هو خرق العادة وعدم الاستطاعة مع المعرفة بما يعجز به، وبما أن القرآن معجز، وهو كلام يتكلم به العرب ـ أي لغتهم ـ فالمعجز هو أن يأتي المعنى بطريقة هي أبلغ من غيرها من الطرق، وبمعنى آخر فالإعجاز القرآني صفة عالية في الكلام، خارقة، تفوق غيرها من الدرجات، ومرتبة عالية لا ترقى إليها المراتب، بينها وما بين غيرها ما بين الخالق والمخلوق، فقد قال النبي الكريم: فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه.

وقد أدرك العرب بفطرتهم هذا الفضل، وأقروا بمكانته، وأحسوا إحساساً سطرته كلمات الوليد بن المغيرة، وهو خصم معاند لديد، حيث قال: " والله إن لقوله حلاوة، وأن أصله لعذق، وأن فرعه لجناة ... "، من هذا وغيره نجد أن للقرآن تأثيراً في النفس؛ ذلك لجلال عظمته، ومن التأثير في النفس يأتي الإعجاز البلاغي، غير أنه ثمة إشكال على العلماء المختصين به، وكذلك على متذوقيه، فصاروا إذا ما سئلوا عن تحديد هذه البلاغة الفائقة في وصفها سائر البلاغات، والتي اختص بها القرآن، وعن المعنى الذي يتميز به عن سائر الكلام الموصوف بالبلاغة قالوا:" إنه لا يمكن تصويره، ولا تحديده بأمرٍ ظاهرٍ، نعلم مباينة القرآن عن غيره من الكلام، وإنما يعرفه العالمون به ضرباً من المعرفة لا يمكن تحديده، وقد شبه أثر البلاغة القرآنية بما يحسه الإنسان من استقامة الوزن، أو الملاحة، أو طيب النغم العارض للصوت وقال السكاكي:" اعلم أن إعجاز القرآن يدرك ولا يمكن وصفه كاستقامة الوزن تدرك ولا يمكن وصفها وكالملاحة وكما يدرك طيب النغم العارض لهذا الصوت ولا يدرك تحصيله لغير ذوي الفطرة السليمة إلا بإتقان علمي المعاني والبيان والتمرين فيهما " (1).

ولو نظرنا إلى لفظة " بليغ " نجد أنها وردت بهذا اللفظ في سورة النساء قال تعالى:? أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا? (2) فقد تكلم فيها الزمخشري فقال:"بليغاً أي قل لهم قولاً بليغاً في أنفسهم، مؤثراً في قلوبهم، يغتمون به اغتماماً، ويستشعرون منه الخوف استشعاراً" (3)، أما أمر النبي المكرم صلى الله عليه وسلم فإنه يتجاوز حد البلاغ؛ أي يتعدى معنى الوصول إليهم بالقول؛ و أُمر أن يكون قوله مؤثراً في أنفسهم، وذهب الفخر الرازي فيما يخص قوله: " بليغاً " إلى قولين، أحدهما: أن القول البليغ صفة للوعظ، فأمر جل جلاله بالوعظ، ثم أمر أن يكون ذلك الوعظ بالقول البليغ، وهو أن يكون كلاماً بليغاً طويلاً حسن الألفاظ، حسن المعاني، مشتملاً على الترغيب والترهيب، فإن الكلام إذا كان هكذا عظم وقعه في القلب، وإذا كان مختصراً ركيك التلفظ لم يؤثر في القلوب (1).

وهذا ما يؤيد أن التأثير في النفس وتحفيزها بإطلاق المشاعر والأحاسيس، هو معنى البلاغة وليس التوصيل المجرد للمعنى (2).

ولا يمكن الوصول إلى هذا التأثير النفسي إلا إذا كان الكلام يتسم بالبيان، وما يتبعه من دقة الألفاظ، وروعتها، وجزالتها، والتناسق والتناغم فيما بينها، والاستعارات، والكناية، والمجاز بأنواعه وما إلى ذلك من ضروب البلاغة وفنون القول.

والمتتبع لآيات القرآن والمتمعن فيها يجد الكثير من الآيات التي تشع منها البلاغة، ويقع في القلوب منها روعة الأثر، ويتجلى الإعجاز البلاغي من خلالها ................

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير