" وبئرٍ معطلةٍ وقصرٍ مَشيد "
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[03 - 08 - 2008, 09:58 م]ـ
:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن البلاغة القرآنية ميدان له سحره وخلابته التي تفضي بذوي العقول إلى التسليم بإعجازالقرآن الكريم، والانبهار بروعة نظمه، ودقة بيانه.
وهذه محاولة - خجلى - للوقوف على آية كريمة من آيات الذكر الحكيم؛ للإسفار عن شيء بسيط من إعجازها البياني:
قال تعالى:" فكأيّن من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد ". (الحج: 45)
لقد رسم البيان القرآني مصارع أولئك الغابرين من الأمم في صورة حية شاخصة، تحيطها الرؤى، وتتزاحم فيها الأخيلة، في مشهد داعٍ إلى التأمل والنظر، ناطق بالعظات والعبر:
فمنظر السقوف الساقطة على الأرض، ثم تهدُّم حيطانها التي خرّت فوق السقوف (1) يوحي بكمال غضبه - تعالى - عليهم، وشدة أخذه لهم جزاء فرط جرمهم.
وإلى جوار تلك القرى الخاوية على عروشها، تستشرف النفوس الآبار المهجورة الخالية، وفي وصفها (بالمعطلة) (2) ما يذكّر بعمارتها، ويزحم الخيال بكثرة الورد والورّاد فيها.
ثم إلى جوارها: القصور المحكمة البناء (3)، ومع هذا فإنها - بعد هذا الدمار - فانية، خالية، خربة، تملأ النفس بالوحشة، وتستجيش فيها الذكرى والعبرة.
إن الطريقة التي اتخذها الأداء القرآني للتعبير عن الهلاك الدنيوي في هذه الآية، هي أسلوب متفرد، ولا يمكن أن ينهض به سواه؛ حين رسم مشهدًا للهلاك الشامل، والدمار الهائل الذي أتى على القرى، فأباد كل مظهر للبناء، أو معلم للحياة فيها والنماء.
ولم يُورث في النفس - بعد ذلك - إلا بقايا تأمُّل في تلك المصارع، وفلول عظة واعتبار، لافتةً العقول والبصائر إلى التقوى من نفس المصير.
أعاذنا الله وإياكم من غضبه وسخطه، ورزقنا حلمه وعفوه.
(1) (خاوية على عروشها): ساقطة على سقوفها، أي: خرت سقوفها على الأرض، ثم تهدمت حيطانها فسقطت فوق السقوف! ينظر: تفسير الكشاف.
(2) (معطلة): متروكة، خالية من أهلها لهلاكهم. ينظر: تفسير القرطبي.
(3) (مشيد): مُجصّص، أو رفيع طويل. ينظر: تفسير الطبري.
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[03 - 08 - 2008, 10:58 م]ـ
سبحان الله
وقع الآيات يدل على أن الهلاك قد أتى على الكل، حاضرة، وبادية.
نعوذ بالله من غضب الله.
جزاك الله خيرا أختي الكريمة.
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[04 - 08 - 2008, 06:34 م]ـ
أختي ندى
أسلوب جميل ومحاولة رائعة
ووقفات يعجز القلم عن التعبير عن مدى تأثيرها في النفس
بارك الله فيك
وسلمك الله
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[05 - 08 - 2008, 04:21 م]ـ
سبحان الله
وقع الآيات يدل على أن الهلاك قد أتى على الكل، حاضرة، وبادية.
نعوذ بالله من غضب الله.
جزاك الله خيرا أختي الكريمة.
بوركت ووفقت ..
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[05 - 08 - 2008, 04:22 م]ـ
أختي ندى
أسلوب جميل ومحاولة رائعة
ووقفات يعجز القلم عن التعبير عن مدى تأثيرها في النفس
بارك الله فيك
وسلمك الله
بارك الله فيك أخيّتي المبحرة، ووفقك إلى كل خير.
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[05 - 08 - 2008, 07:46 م]ـ
فقط أحببت أن أسطر شكري وتقديري؛ فقد أصبحت شهادتي مجروحة.
جزاكم الله خيرًا؛ وما زلنا في شغف شديد لما عندكم.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[05 - 08 - 2008, 07:56 م]ـ
فقط أحببت أن أسطر شكري وتقديري؛ فقد أصبحت شهادتي مجروحة.
جزاكم الله خيرًا؛ وما زلنا في شغف شديد لما عندكم.
أثابكم الله على متابعاتكم وتشجيعكم فصحاءَنا الكرام.
وأتمنى أن أكون عند حسن ظنكم، وأخرج ما عندي من تأملات في بلاغة القرآن الكريم، كانت - وما تزال - مجالَ دراسةٍ وبحث.
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[05 - 08 - 2008, 08:02 م]ـ
لقد أثبت - أيتها المحاضرة ندى - قوة بلاغية هي عندي محط اهتمام.
وأما حسن الظن فهو في مكان عل فوق ما يتصور سموكم.
زادكم الله سموًّا ورفعة وعلوًّا.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[06 - 08 - 2008, 01:49 ص]ـ
لقد أثبت - أيتها المحاضرة ندى - قوة بلاغية هي عندي محط اهتمام.
وأما حسن الظن فهو في مكان عل فوق ما يتصور سموكم.
زادكم الله سموًّا ورفعة وعلوًّا.
وزادكم، ونفعكم، وأعزكم.
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[06 - 08 - 2008, 02:04 ص]ـ
وقفة تأملية تشد القلب قبل البصر، وتهز الكيان قبل الذاكرة، ويا لها من وقفة
ذكرتني بأن منا من يقرأ دون تأمل أو نظر، ويمر بالآية تلو الأخرى دون إعمال فكر
أكرر إعجابي بما قرأت أستاذة، زادك الله رفعة وسموا
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[06 - 08 - 2008, 02:36 ص]ـ
وقفة تأملية تشد القلب قبل البصر، وتهز الكيان قبل الذاكرة، ويا لها من وقفة
ذكرتني بأن منا من يقرأ دون تأمل أو نظر، ويمر بالآية تلو الأخرى دون إعمال فكر
أكرر إعجابي بما قرأت أستاذة، زادك الله رفعة وسموا
وأسجل شكري لطيب حضورك أستاذ مغربي ..
ملأ الله قلوبنا تأملاً وتدبرًا للبيان العظيم.