[من أذكار الصلاة]
ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 08 - 2008, 07:01 ص]ـ
من أذكار الركوع:
"سبوح قدوس، رب الملائكة والروح":
سبوح: تنزيه للباري عز وجل.
قدوس: تنزيه آخر بعد التنزيه الأول، فيكون إطنابا بالتكرار اللفظي عند من يقول بالترادف اللغوي، وبالتكرار المعنوي عند من يمنع الترادف اللغوي فالمعنى الكلي واحد ولكلٍ معنى يستقل به وإن دق فيكونا من قبيل المشترك المعنوي، فكلاهما: تنزيه للباري، عز وجل، عما لا يليق بجلاله، والإطناب في موضع كهذا، مئنة من بلاغة المتكلم، ففي موضع الثناء بالمحامد، يكون بسط العبارة، وفي موضع نفي النقائص يكون الإجمال، إذ الأول مراد لذاته، والثاني مراد لغيره، ولذلك قال بعض أهل العلم: طريقة الرسل عليهم الصلاة والسلام في هذا الباب: النفي المجمل والإثبات المفصل، وطريقة أعدائهم: النفي المفصل والإثبات المجمل.
ولقائل أن يقول: الإطناب بتكرار التنزيه توكيدا، والإيجاز من جهة كونهما اسمين دالين على تنزيه الباري، عز وجل، عن كل نقيصة، فحذف معمول كليهما إجمالا في النفي كما تقرر من طريقة الرسل، فلم يقل: سبح ربك عن كذا وكذا من النفائص، وقدسه عن كذا وكذا من المعائب، وإنما أجمل التنزيه في الاسمين إجمالا، فصارت الفائدة حاصلة للداعي من وجهين: الإطناب في الثناء والإجمال في النفي، والتفصيل في موضع التفصيل، والإجمال في موضع الإجمال، مقصد شريف، ولكل مقام مقال.
وقد حذف المسند إليه، سواء أقدر بلفظ الجلالة: "الله"، أم بالضمير: "هو"، لشرفه ونباهة ذكره فهو غني عن التعريف.
ولو روي بالنصب لكان له وجه من الثناء بتقدير عامل محذوف نحو: أمدح السبوحَ القدوسَ، أو: أمدح سبوحاً قدوساً، ولكن مرد الأمر إلى الرواية لأنه ذكر يتعبد بلفظه، فلا يتلقى إلا من طريق النقل.
رب الملائكة والروح: إجابة عن سؤال مقدر، فكأن السامع تساءل عن المُنَزَهِ في الشطر الأول، فجاء الجواب: هو رب الملائكة والروح، وحذف المسند إليه، أيضا، لنباهة ذكره، ولو روي بالنصب، أيضا، لكان له وجه من المدح، على التفصيل المتقدم.
وفي الكلام: تخلية بنفي النقائص تسبيحا وتقديسا في الشطر الأول، ثم تحلية بإثبات الربوبية التي تدل لزوما على صفات الخلق والملك والتدبير ........ إلخ من صفات الربوبية، وخصها هنا بالإضافة إلى أعظم المخلوقات المربوبة: الملائكة، فكان في ذلك تنبيه بالأعلى على الأدنى، فرب العظيم من الخلق رب ما دونه من باب أولى، وفي الكلام عموم بذكر الملائكة بعده خصوص بإفراد الروح الأمين: جبريل عليه الصلاة والسلام، أعظم الملائكة خلقا ومنزلة بالذكر، فحصل التنويه بشرفه وعلو منزلته بذكره في عموم يشمله، ثم خصوص ينفرد به عمن سواه من أفراد الجمع المحلى بـ: "أل" الجنسية الاستغراقية، وشرفه وعظم منزلته دليل على شرف وعظم منزلة خالقه من باب أولى، فإذا كان لجند الملك، جل وعلا، من الشرف والعظمة هذا القدر، فكيف به، وهم خلق من خلقه؟!!.
والجملة الثانية بمنزلة "التذييل" على الجملة الأولى، ففيها بيان بعد بيان، فالمنزه عن النقص لا يتم الثناء عليه، كما تقدم، إلا بإثبات الكمال.
*****
وفي حديث السَّعْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: رَمَقْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ فَكَانَ يَتَمَكَّنُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ قَدْرَ مَا يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا.
يقال ما قيل في الذكر الأول، فالتخلية حاصلة أولا، بالتسبيح، ثم التحلية ثانيا بالحمد، والحمد ثناء بصفات الجمال، وهو أحد شقي الكمال: الجمال والجلال.
*****
وكذا في حديث حذيفة، رضي الله عنه، وفيه الذكر الشهير: "سبحان ربي العظيم":
فالتنزيه بالتسبيح، والثناء بالعظمة.
*****
وفي حديث عائشة رضي الله عنها: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي.
¥