تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ما فائدة ذكر: {وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ}؟

ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[26 - 07 - 2008, 03:27 م]ـ

في قوله تعالى:

{وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ} آل عمران/143

هل توجد فائدة من ذكر {و أنتم تنظرون} بعد ذكر {فقد رأيتموه}؟ ألم يكن ممكنا الاكتفاء بذكر {فقد رأيتموه}؟ هل أعطى مجيء {و أنتم تنظرون} أي فائدة في المعنى؟

الجواب:

تشير هذه الأية إلى صنف من الناس كانوا يتمنون الشهادة - أو الحرب والجهاد - قبل حضورهم إلى جو المعركة. فلما أن حضروا إلى المعركة واحتدم النزال, ورأوا الموت أمامهم عيانا, تراجعوا إلى الوراء, وأحجموا عن القتال, واكتفوا بمشاهدة ما يجري دون أن يكون لهم أي دور في القتال, فقد كان موقفهم سلبيا إلى أبعد الحدود بسبب موقفهم المتخاذل, وقد انكشف أمامهم بطلان ما كانوا يتمنونه , و أن تلك الأماني كانت كانوا يدعونها إنما هي جوفاء بسبب ضعف إيمانهم.

لذا فإن مجيء {و أنتم تنظرون} أعطى فائدة معنوية, حيث قدم صورة متكاملة عن حال أولئك المتخاذلين, حيث أنهم اكتفوا بالنظر إلى ما يجري في المعركةمن قتال, قتل فيه من قتل, دون أن يكون لهم أي دور إيجابي في تلك المعركة.

قال صاحب المجمع: " {من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه} الهاء في تلقوه ورأيتموه راجعة إلى الموت أي من قبل أن تلقوا أسباب الموت وهو الحرب فقد رأيتموها لأَن الموت لا يرى ونحو ذلك قول الشاعر:

والموت تحت لواء آل مُحَلّم

أي أسباب الموت وقيل الهاء راجعة إلى الجهاد "

وقال الشيخ الطوسي في التبيان: " وقوله: {وأنتم تنظرون} بعد، قوله {فقد رأيتموه} يحتمل أمرين:

أحدهما - أن يكون تأكيدًا للرؤية، كما تقول: رأيته عياناً ورأيته بعيني وسمعته باذني، لئلا يتوهم رؤية القلب، وسمع العلم.

والثاني - أن يكون معناه وأنتم تتأملون الحال في ذلك كيف هي، لأن النظر هو تقليب الحدفة الصحيحة نحو المرئي طلباً لرؤيته، وليس معناه الرؤية على وجه الحقيقة. "

وقال ابن عاشور في التحرير:

" وجملة {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} حال مؤكدة لمعنى {رأيتموه}، أو هو تفريع أي: رأيتم الموت وكان حظكم من ذلك النظر، دون العناء في وقت الخطر، فأنتم مبهوتون. ومحل الموعظة من الآية: أن المرء لا يطلب أمرا حتى يفكر في عواقبه، ويسبر مقدار تحمله لمصائبه, ومحل المعذرة في قوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ} وقوله: {فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ} ومحل الملام في قوله {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}."

ـ[طاوي ثلاث]ــــــــ[26 - 07 - 2008, 03:53 م]ـ

أثابك الله د. حجي و لا حرمك أجر ما تقدم لنا.

و دعني أنقل بعض أقوال العلماء في الآية:

قال الطبري:

قال أبو جعفر: وإنما قيل: " ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه "، لأن قومًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لم يشهد بدرًا، كانوا يتمنون قبل أحد يومًا مثل يوم بدر، فيُبْلُوا الله من أنفسهم خيرًا، وينالوا من الأجر مثل ما نال أهل بدر. فلما كان يوم أحد فرّ بعضهم، وصبرَ بعضهم حتى أوفَى بما كان عاهد الله قبل ذلك، فعاتب الله من فرّ منهم فقال: " ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه "، الآية، وأثنى على الصابرين منهم والموفين بعهدهم.

و قال البغوي:

(وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ) وذلك أن قوما من المسلمين تمنَّوا يومًا كيوم بدر ليقاتُلوا ويستشهِدُوا فأراهم الله يوم أُحد وقوله (تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ) أي: سببَ الموت وهو الجهاد من قبل أن تلقوه، (فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ) يعني: أسبابه.

فإن قيل: ما معنى قوله (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) بعد قوله: (فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ) قيل: ذكره تأكيدًا وقيل: الرؤية قد تكون بمعنى العلم، فقال: (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) ليعلم أن المراد بالرؤية النظر، وقيل: وأنتم تنظرون إلى محمد صلى الله عليه وسلم.

ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[27 - 07 - 2008, 10:09 ص]ـ

ومحل الموعظة من الآية: أن المرء لا يطلب أمرا حتى يفكر في عواقبه، ويسبر مقدار تحمله لمصائبه, ومحل المعذرة في قوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ} وقوله: {فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ} ومحل الملام في قوله {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}."

سلام عليكم - شيخنا الدكتور حجي - ورحمة الله وبركاته ...

نزهو - والله - بوجودكم ومشاركاتكم.

منكم نستفيد ونتعلم، ومن علمكم ندخل بوابة القرآن مبهورين بأسراره وإعجازه؛ فلا أبعدكم الله عنا أهل البلاغة.

ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[27 - 07 - 2008, 09:50 م]ـ

الأخ الكريم طاوي ثلاث

أشكر لكم ما أضفتموه إلى الموضوع.

بارك الله فيكم وبكم.

---

الأخ الكريم عبدالعزيز بن حمد العمار

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

اشكر لكم حضوركم وكلماتكم.

وفقكم الله إلى كل خير.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير