[أوصاف بليغة في البلاغات]
ـ[محمد سعد]ــــــــ[09 - 06 - 2008, 10:42 م]ـ
أوصاف بليغة في البلاغات على ألسنة أقوام من أهل الصناعات:
قال بعضُ من ولَد عقائل هذا المنثور، وألَف فواصل هذه الشذور: تجمَع قوم من أهل الصناعات، فوصفوا بلاغاتِهم، من طريق صناعاتهم:
فقال الجوهري:
أحسنُ الكلام نِظاماً ما ثقبته يَد الفكرة، ونظمته الفِطْنة، ووُصِل جَوْهَرُ معانيه في سُموط ألفاظه، فاحتملته نحورُ الرواة.
وقال العطار:
أطيبُ الكلامِ ما عُجِنَ عَنْبَر ألفاظه بمسْك مَعَانيه، ففاح نسيمُ نَشَقِه، وسطعت رائحة عبَقه، فتعلّقت به الرُوَاة، وتعطَرت به السَّراة.
وقال الصائغ:
خيرُ الكلام ما أَحْمَيْتَه بكِير الفِكر، وسبَكْتَه بمشَاعِل النّظر، وخلَّصته من خَبَث الإطناب، فبرز بروزَ الإبريز، في معنى وَجيز.
وقال الصيرفي:
خيرُ الكلام ما نَقَدَتْهُ يدُ البصيرة، وجلَته عين الروية، ووزنْتَه بمِعْيار الفصاحة، فلا نظر يُزَيّفه، ولا سماعَ يُبَهْرِجُه.
وقال الحداد:
أحسن الكلام ما نصبت عليه مِنْفَخة القريحة، وأشعلْتَ عليه نارَ البصيرة، ثم أخرجتَه من فحم الإفحام، ورقَّقته بفطِّيس الإفهام.
وقال النجار:
خيرُ الكلام ما أحكمتَ نَجْرَ معناه بقدُوم التقدير، ونَشَرْتَه بمنشار التدبير، فصار باباً لبيت البيان، وعارِضة لسَقفِ اللسان.
وقال النجاد:
أحسنُ الكلام ما لطُفت رَفَارِف ألفاظه، وحسُنت مَطارح معانيه، فتنزّهت في زَرَابيِّ محاسنه عيونُ الناظرين، وأصاخت لنمارِق بَهْجَتهِ آذان السامعين.
وقال الماتح:
أبْيَن الكلام ما علقتْ وَذَمُ ألفاظه ببكرة معانيه، ثم أرسلته في قَلِيب الفطَن فمتحت به سقاء يكشِفُ الشبهات، واستنبطت به معنى يروي من ظمإ المشكلات.
وقال الخياط:
البلاغة قميص؛ فجُربانه البيان، وجَيْبُه المعرفة، وكُفَاه الوجازة، ودَخَارِيصه الإفهام، ودُرُوزُه الحلاوة، ولابس جَسَدُه اللفظ، وروحُه المعنى.
وقال الصباغ:
أحسن الكلام ما لم تنْضَ بهجة إيجازه، ولم تكشف صبغة إعجازه، قد صَقَلتْه يَدُ الروِيةِ من كُمُود الإشكال، فَرَاعَ كواعِبَ الآداب، وألَف عَذَارَى الألْبَابِ.
وقال الحائِك:
أحسنُ الكلام ما اتَّصَلت لُحمة ألفاظه بسَدَى معانيه، فخرج مُفوَّفاً مُنيراً، وموشَّى محبراً.
وقال البزار:
أحسن الكلام ما صدقَ رقم ألْفاظه، وحسن نَشْرُ معانيه فلم يستَعْجِم عنك نَشر، ولم يستبهم عليك طَيّ.
وقال الرائض:
خيرُ الكلام ما لم يخرج عن حَدِّ التَّخْليع، إلى منزلة التَّقْرِيب إلاَّ بعد الرياضة، وكان كالمُهْرِ الذي أطمع أوَل رياضته في تمام ثَقافته.
وقال الجمَال:
البليغُ من أخذَ بخِطام كلامه، فأناخَه في مَبْرك المعنى، ثم جعل الاختصار له عِقَالاً، والإيجاز له مَجالاً، فلم يَندَّ عن الآذان، ولم يشذَّ عن الأذهان.
وقال الخمّار:
أبلغُ الكلام ما طبَخَتْه مَرَاجِلُ العلم، وصَفَاه رَاوُوق الفَهْمِ، وضمَّته دِنَان الحكمة، فتمشَّت في المفاصل عُذُوبَتُه، وفي الأفكارِ رِقَته، وفي العقول حِدّته.
وقال الفقاعي:
خيرُ الكلام ما رَوَّحَتْ ألفاظُه غَبَاوَةَ الشكّ، ورفعت رِقَته فظاظةَ الجهل، فطاب حِساءُ فطنته، وعذُب مَصُّ جُرَعِهِ.
وقال الطبيب:
خيرُ الكلام ما إذا باشر دواءُ بيانه سَقَمَ الشُبهة استطلقت طبيعةُ الغباوة؛ فشُفِي من سوء التفهّم، وأورث صحة التوهم.
وقال الكحَّال:
كما أن الرمَد قذى الأبصارِ، فكذا الشبهة قَذَى البصائر، فاكْحَلْ عَيْنَ اللكنة بميلِ البلاغة، واجْلُ رمَصَ الغَفْلة بِمرْوَدِ اليقظة.
ثم قال:
أجمعوا كلّهم على أن أبلغ الكلام ما إذا أشرقت شمْسُه، انكشف لَبْسه، وإذا صدقت أنواؤه اخضرّت أحماؤه.
ـ[أحلام]ــــــــ[09 - 06 - 2008, 11:18 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وجعل ذلك في ميزان حسناتكم
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 07:30 م]ـ
و أجمل المواضيع موضوعك هذا ...... سلمت يمينك .... :):):)
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 09:44 م]ـ
بورك فيكم أستاذ محمد على هذا الجمع الطيب.