بين الخوفِ والطمع ..
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[13 - 08 - 2008, 09:04 ص]ـ
:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى: " هو الذي يريكُمُ البرقَ خوفًا وطمعًا وينشئُ السحابَ الثقال " (الرعد / 12).
لقد وقع في الآية الكريمة - بذكر الخوف والطمع - حسن تقسيم، وحسن التقسيم - في العرف البلاغي - يعني:
أن يستوفي المتكلم جميع أقسام المعنى الذي يتحدث عنه، بحيث لا يغادر منه شيئًا.
وبالنظر في الآية الكريمة، يتبين أن الخوف والطمع هما ما يُتوقع حصوله من البرق، ولا ثالث لهما.
فليس في رؤية البرق إلا الخشية من الصواعق، أو الاستبشار بنزول الغيث.
وتملي روعة النظم السؤال الآتي:
لم جاء الخوف مُقدّمًا على الطمع؟
لسبب التقديم هنا غايتان، إحداهما:
أن الصواعق والإهلاك يجوز وقوعهما من البرقة الأولى، أما المطر فإنه لا يحصل إلا بعد تواتر الإبراق.
يقول ابن أبي الإصبع: " ومن لطيف ما وقع في هذه الآية من الحال: تقديم الخوف على الطمع؛ إذ كانت الصواعق يجوز وقوعها من أول برقة، ولا يحصل المطر إلا بعد تواتر الإبراق؛ لأن تواتره لا يكاد يُخلِف، لهذا كانت العرب تعد سبعين برقة وتنتجع، فلا تخطئ الغيثَ والكلأ، وإلى هذا أشار المتنبي بقوله:
وقد أردُ المياهَ بغير هادٍ ** سوى عدِّي لها برقَ الغمام
ولما كان الأمر المخوف من البرق يجوز وقوعه من أول برقة واحدة، أتى ذكر الخوف في الآية مقدّمًا أولاً؛ لكون الواحد أول العدد، ولما كان الأمر المطمع من البرق إنما يقع بعد عدد من الإبراق أتى ذكر الطمع تاليًا؛ لكونه لا يقع إلا في أثناء العدد " (1)
ثانيتهما:
جاء الطمع متأخرًا في الذكر عن الخوف؛ لأنه أزاله ونسخه، فيكون أوقع في النفس، وأسعد لها؛ لأن مجيء الرخاء بعد الشدة، والفرج بعد الكرب، والمسرة بعد الحزن، يكون أسعدَ للقلوب، وأتمَّ سرورًا لها؛ لكون الأمر غير متوقع، فإذا تم كانت السعادة أكمل، وكانت البشارة في النفوس أدخل. (2) كما هو ماثلٌ في قوله تعالى: " وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته " (الشورى / 28).
والله - تعالى - أعلم.
(1) بديع اقرآن.
(2) يُنظر: المصدر نفسه.
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[14 - 08 - 2008, 02:14 ص]ـ
سلام عليكم ... جزاك الله خيرًا
اسمحي لي بمداخلة أيتها المشرفة الفاضلة:
(يريكم) لو أردنا تغيير هذه المفردة مثلا سنقول:
يبصّركم - يجعلكم تشاهدون ....
ستطول المفردة، ومن هنا نعرف سر قول العلماء: (الإيجاز من مقاصد البلغاء).
فسبحان الله العظيم!
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[14 - 08 - 2008, 02:35 ص]ـ
بارك الله فيك أيتها المتأملة، نفع الله بك
ومما ورد في تفسير القرطبي حول هذه الآية:
"خوفا" أي للمسافر. "وطمعا" للمقيم؛ قاله قتادة. الضحاك: "خوفا" من الصواعق،
"وطمعا" في الغيث. يحيى بن سلام: "خوفا" من البرد أن يهلك الزرع،
"وطمعا" في المطر أن يحيي الزرع. ابن بحر: "خوفا" أن يكون البرق برقا
خُلَّبا لا يمطر، "وطمعا" أن يكون ممطرا
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[14 - 08 - 2008, 07:06 ص]ـ
سلام عليكم ... جزاك الله خيرًا
اسمحي لي بمداخلة أيتها المشرفة الفاضلة:
(يريكم) لو أردنا تغيير هذه المفردة مثلا سنقول:
يبصّركم - يجعلكم تشاهدون ....
ستطول المفردة، ومن هنا نعرف سر قول العلماء: (الإيجاز من مقاصد البلغاء).
فسبحان الله العظيم!
الأستاذ الفاضل عبدالعزيز العمار:
بارك الله فيك، وفي مداخلتك المثرية المتأملة.
فعل الرؤية - فوق ما أفضتَه من جمال - يشير إلى إدراكِ المرئي، وقد يصحبه تفكر؛ وبذا ناسب إيراده في الآية التمدّح بباهر القدرة للقدير القادر، وبسط مساحة التأمل لذوي العقول والبصائر.
والله - تعالى - أعلم.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[14 - 08 - 2008, 07:12 ص]ـ
بارك الله فيك أيتها المتأملة، نفع الله بك
ومما ورد في تفسير القرطبي حول هذه الآية:
"خوفا" أي للمسافر. "وطمعا" للمقيم؛ قاله قتادة. الضحاك: "خوفا" من الصواعق،
"وطمعا" في الغيث. يحيى بن سلام: "خوفا" من البرد أن يهلك الزرع،
"وطمعا" في المطر أن يحيي الزرع. ابن بحر: "خوفا" أن يكون البرق برقا
خُلَّبا لا يمطر، "وطمعا" أن يكون ممطرا
الأستاذ الفاضل مغربي:
وجوهٌ تفسيريّة للفظي الخوف والطمع أثرت الموضوع ولا ريب.
فتح الله عليك.
ـ[بلاغة الروح]ــــــــ[21 - 08 - 2008, 08:01 م]ـ
مشكووووووووووووورة أيتها الفاضلة ..