تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تلوينات الزيادة في القراءات القرآنية]

ـ[ابن عبد العزيز الرجداوي]ــــــــ[01 - 08 - 2008, 12:14 ص]ـ

[تلوينات الزيادة في القراءات القرآنية]

دكتور

أسامة عبد العزيز جاب الله

كلية الآداب – جامعة كفر الشيخ

قد يقع التلوين في القراءات القرآنية باعتماد فنية الإطناب بالزيادة في هيكل الآية القرآنية من خلال اعتمادها على قراءة معينة. وهذه الزيادة تلحق القراءات في نسقها التعبيري في سياق تكرار العامل، أو حرف العطف، أو ضمير العماد أو الفصل، أو غير ذلك من الزيادات الأدائية.

* فمن ذلك ما نلمسه في قراءة كلمتي (والزبر والكتاب) () بتكرار حرف (الباء) في الكلمتين، وذلك في قوله تعالى: ? فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآؤُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ? ().

فزيادة حرف الجر (الباء) على سبيل التكرار في كلمتي (الزبر، والكتاب) يقصد منه إثبات المغايرة بين المتعاطفات، وتفصيل سبل الاختلاف فيما بين هذه المتعاطفات. يقول ابن عطية: " إعادتها أيضاً متجه لأجل التأكيد " (). أي تأكيد معنى التغاير المستفاد من الواو عن طريق إثبات شكل هذه المغايرة، إذ البيِّنات في ذاتها غير الكتاب غير الزبر. وهو رأي أبو السعود إذ يقول: " قُرِئَ (وبالزبر) بإعادة الجارّ على أنها مغايرة بالذات للبيِّنات " ().

فالغرض الدلالي من تكرار الجار في (وبالزبر) على قراءة ابن عامر تحقق دلالتين ():

الأولى: إثبات التغاير بين المتعاطفات، وذلك ببيان أن الرسل قد جاء بعضهم بالبينات وهي المعجزات، وبعضهم بالزبر، وبعضهم بالكتاب، على إرادة التفصيل الجامع لفنون الرسالات، ومغايرة هذه الكتب، وعدم اشتراكها في ذواتها.

والثانية: تأكيد هذا التغاير.

ويرى د. أحمد سعد أنّ " اعتبار التأكيد غرضاً لهذا التكرار هو المناسب لنسق الآية الذي ورد في مقام مواساة النبي ? بذكر أحوال الرسل قبله، إذ جاءوا لأقوامهم بشتى الوسائل منذرين ومبشرين، ومع ذلك قوبلوا بالجحود والتكذيب " ().

وهذا القصر لغرض للزيادة في الآية على دلالة التأكيد فيه بعض الإجحاف، إذ إن التأكيد المستفاد هنا إنما تنعقد مقصديته على تعاضده مع دلالة التغاير الواضح بين المتعاطفات، فلا تأكيد إلا بإثبات التغاير المستفاد من توظيف واو العطف أولاً، ثم بإعادة الجارّ على قراءة الزيادة.

* ومن ذلك قراءة قوله تعالى: ? الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ? ()، بإثبات الضمير (هو) وحذفه ().

وقراءة الجمهور بإثبات الضمير على اعتماده مبتدأ به. يقول ابن عطية: " هو في القراءة التي ثبت فيها يحسن أن يكون ابتداء، لأنّ حذف الابتداء غير سائغ " (). وهذا التفسير الدلالي يعتمد بالمقام الأول على فنيات المعطى النحوي الذي يجعل من الضمير (هو) مبتدأ خبره كلمة (الغني)، والجملة من المبتدأ والخبر في محل رفع خبر إنّ؛ خبر جملة اسمية. ويستفاد من إثبات الضمير هنا الدلالة على قصر صفة الغنى الحقيقي لله ? على جهة التحقيق كما قال تعالى: ? يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إلى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ? ().

أما القراءة بحذف الضمير (هو) فتخَرَّج على عدّ هذا الضمير فصلاً يجوز لنا حذفه، وما ذكره هنا إلا لتأكيد الخبر، وتخصيصه بهذا الأمر للمخبَر به.

ويرى الفارسي في إثبات الضمير (هو) كضمير فصل لمحة جمالية تتكئ على ضرورة التأكيد على هذا الإثبات مما يمكننا فيما بعد من حذفه إن شئنا بلا صعوبة. يقول: " ينبغي أن يكون (هو) في هذه الآية فصلاً لا مبتدأ، لأنّ الفصل حذفه أسهل، ألا ترى أنه لا موضع للفصل من الإعراب، وقد يُحذَف فلا يخلّ بالمعنى " ().

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير