ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[24 - 06 - 2008, 05:10 م]ـ
33 - ما الفروق الدلالية بين فعل سار ومشى؟
السير غير المشي في اللغة ويقال سار القوم إذا امتدّ بهم السير من جهة إلى جهة معينة في الخصوص. والسير في القرآن الكريم قد يكون لغرض وفي جهة وهو إما للعظة والاعتبار أو للتجارة أو غير ذلك كما في قوله تعالى (فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله) سورة القصص فالسير هنا ممتد من مدين إلى مصر وهو ليس مشياً. وقد يكون معنى السير السير لفترة طويلة للعبرة والاتعاظ كما في قوله تعالى (قل سيروا في الأرض ثم انظروا) وقد ورد هذا المعنى للسير في 11 آية قرآنية (أفلم يسيروا في الأرض) (قل سيروا في الأرض فانظروا) والسير هنا هو الامتداد وكما قلنا يكون في القرآن الكريم إما لمسافة طويلة بغرض التجارة وإما لغرض العبرة والاتعاظ.
أما المشي فهو مجرد الانتقال وليس بالضرورة توجّه إلى هدف محدد كما في قوله تعالى (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا).
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[26 - 06 - 2008, 07:03 م]ـ
34 - ما اللمسة البيانية في وصف الله تعالى لإسماعيل عليه السلام بالحليم واسحق بالعليم؟
(فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ) سورة الصافات آية 101 و (فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ) سورة الذاريات آية 28 و (قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) سورة الحجر آية 53.
الحلم هو أن يملك الإنسان نفسه عند الغضب وهذا يظهر في علاقته مع الآخرين إذا غضب. وربنا تعالى لما ذكر إسماعيل وذكر علاقته مع أبيه والآخرين في سورة الصافات ذكر في الآية بعدها (قال يا أبت افعل ما تؤمر) بعد أن أخبره أبوه بأنه أوحي إليه أن يذبحه وكذلك الحلم في علاقته مع أبيه في بناء البيت (وإذ يرفع إبراهيم البيت وإسماعيل). وقد ذكر الله تعالى إسماعيل بأنه رسول نبي وأنه كان صادق الوعد كما في سورة مريم (واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيا) آية 54، فكان صادق الوعد في التبليغ للآخرين وفي الرسالة. ولم يذكر تعالى مع اسحق علاقته بالآخرين في القرآن كله مطلقاً لكنه تعالى بيّن العلم فقط وهذا لا يتعلق بالعلاقة مع الآخرين إذن صفات إسماعيل التي ذُكرت في القرآن تقتضي الحلم.
والأمر الآخر أن الله تعالى لمّا يذكر صفات الأنبياء يذكر صفة بارزة لكل نبي منهم لكن هذا لا ينفي باقي الصفات عن كل نبي فإذا ذكر الحلم فلا ينتفي العلم، وقد وصف تعالى إبراهيم عليه السلام بأنه أواه منيب وحليم ومع هذا لم ينف صفات الإنابة عن غيره من الأنبياء فهم جميعاً منيبون إلى ربهم ويدعونه. والصفة البارزة في إسماعيل عليه السلام هي الحلم وقد أخذها عن أبيه إبراهيم أما صفة اسحق فهي ليست كذلك.
والأمر الآخر أنه في تبشير إبراهيم بإسماعيل جاءت البشارة مباشرة من الله تعالى كما ورد في آية سورة الصافات (فبشرناه بغلام حليم) أما في البشارة باسحق فهي جاءت على لسان الملائكة ولم تكن مباشرة من الله تعالى لإبراهيم كما في الآيتين في سورة الذاريات (فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ) وسورة الحجر (قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيم)
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[26 - 06 - 2008, 10:41 م]ـ
35 - ما اللمسة البيانية في تكرار كلمة إله في قوله تعالى (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله)؟
قد يصح لغوياً القول (وهو الذي في السماء وفي الأرض إله) لكن لو جاءت هكذا في القرآن لدلت على أنه في السماء (موجود في السماء)، وفي الأرض إله (إله في الأرض) وهذا الاحتمال غير مراد أصلاً في الآية لأنه سبحانه إله في السماء وإله في الأرض أيضاً. كذلك يمكن القول من ناحية اللغة (وهو الذي في السماء والأرض إله) لكن هذا يؤدي إلى أنه إله مشترك فيهم وقد تعني أنه قد يكون هناك آلهة غيره وهذا لا يكون ولا يصح لأنه سبحانه هو الذي في السماء إله وفي الأرض إله حصراً لا إله غيره في السماء ولا في الأرض. (إله) في الآية هي خبر عن مبتدأ محذوف تقديره هو أي بمعنى (هو الذي في السماء هو إله) لذا كان التكرار لمقتضى المعنى المراد.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[27 - 06 - 2008, 07:34 م]ـ
36 - ما اللمسة البيانية في كلمة (عليهُ) في قوله تعالى (ومن أوفى بما عاهد عليهُ الله) في سورة الفتح؟
(إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) آية 10. هذه الآية في سورة الفتح جاءت في سياق الحديث عن صلح الحديبية. ولم ترد هذه الصيغة بالرفع أو بغيره في القرآن إلا في هذا الموضع. أولاً عليهُ بضم الهاء هي لغة قريش وكذلك يقولون فيهُ أما سائر العرب فيقولون عليهِ وفيهِ وإليهِ وبهِ. وقد ورد هذا الأمر (أي الضم) مرتين في القرآن كله في هذا الموضع وفي سورة الكهف (قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً {63}) والقياس أن يقول أنسانيه بالكسر.
قوله تعالى (عليهُ الله) في سورة الفتح ليس للموضوع علاقة بكون عليه حرف جر لكن هناك أكثر من سبب لاختيار الضم في عليهُ أولها أن الكلام في صلح الحديبية والعهد الذي كان بينهم وبين الرسول وهو عهد على الموت فكان الضم في عليهُ يؤدي إلى تفخيم لفظ الجلالة لتفخيم العهد فأراد سبحانه أن يتسق ويتناسق تفخيم العهد مع تفخيم لفظ الجلالة حتى لا يُرقق لفظ الجلالة بالكسرة. والأمر الثاني أن الضمة هي أثقل الحركات بالاتفاق وهذا العهد هو أثقل العهود لأنه العهد على الموت فجاء بأثقل الحركات مع أثقل العهود.
¥