تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

• والذي عليه جماهير أهل العلم من المذاهب الأربعة جواز الاقتباس من القرآن في النثر.

ومن الأدلة على جوازه ما ذكرناه عن النبي صلى الله عليه وسلم آنفا. .. وأما في الشعر: فالأكثر على جوازه , ومنعه كراهةً النووي والباقلاني.

ثم قال: والحق الذي يجب المصير إليه ماذهب إليه الأكثرون من جواز الاقتباس في النظم لعدم الدليل المانع من ذلك , ثم إن هذا القول يوجب التفريق بين النثر والشعر وهما سواء ...

• لا عبرة بقول من قال: إن مالكا يحرم الاقتباس؛ إذ مامر من اقتباسه يرد ذلك , وقد حمل بعض اتباع مالك كلام مالك في المنع – إن صح – على الاقتباس القبيح الذي فيه سوء أدب.

* وتغيير النظم حال الاقتباس لا بأس به , بل قد دل الدليل على جوازه , فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)

• مع أن البلاغيين يصرحون أن المقتبس ليس قرآنا ولا حديثا بل هو من قبيل الموافقة أوالمشابهة فإن كثيرا من العلماء استحبوا أن يقع الاقتباس في الشعر العف الشريف الغرض.

• واعلم أن في القرآن والحديث أشياء لا يجوز اقتباسها أبدا لا في شعر ولا نثر , فمن ذلك ما أضافه الله إلى نفسه مما تكلم به سبحانه وتعالى كـ (إني أنا ربك فاخلع نعليك).

ومما يحرم اقتباسه ما أقسم الله به من مخلوقاته , فإذا اقتبس هذا صار من كلام المقتبِس نفسه فيكون قسما منه بغير الله. وهو شرك كما في قول بعضهم:

والتين والزيتون ... وطور سينين .... وهذا البلد المحزون ...

ومما لا يجوز ما خوطب به الرب جل وعلا .. كما وقع في كتاب لعبدالرحمن المرشدي إلى القضاة .. جاء فيه

(يا أعدل قاضٍ به عماد الدين , آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين)

ومنه ما يتبادر إلى السامع أنه من القرآن مع تغيير بعض الكلمات كقول أحدهم:

(والنجم إذا هوى .. ما ضل يراعك وما غوى , علمه شديد القوى , ذو مرة فاستوى)

ومنه ما يعد محاكاة للقرآن واستعمالا له في غير معناه كقول النبيه يمدح القاضي الفاضل:

(لا تسمه وعدا بغير نوال .... إنه كان وعده مفعولا)

• وضع صفي الدين الحلي تقسيما حسنا يضبط لك الجائز والمباح والمردود في الشعر والنثر قال:

((الاقتباس على ثلاثة أقسام: 1/ محمود مقبول 2/ مباح مبذول 3/ مردود مرذول

فالأول: ما كان في الخطب , والمواعظ , والعهود , ومدح النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

والثاني: ما كان في الغزل والقصص والرسائل .. ونحوها.

والثالث: على ضربين: أحدهما: تضمين ما نسبه الله عزوجل إلى نفسه كما قيل

عن أحد بني مروان: إنه وقع على مطالعة فيها شكاية عن عمّاله: (إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم)

والآخر: تضمين آية كريمة في معرض هزل أو سخف.

• واعلم أن الحديث في الاقتباس يستدعي أن نصله بشيء قريب الصلة به ذلك هو (إرسال المثل من القرآن والسنة). فهناك آيات يضعها الناس في كلامهم موضع الأمثال ويسمى (إرسال المثل) ... كـ (إن الباطل كان زهوقا) (ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله) (ولا ينبئك مثل خبير).

• والتمثل بالقرآن جائز (وهو شعبة من الاقتباس) قال شيخ الإسلام: ((إن تلا الآية عند الحكم الذي أنزلت له أو ما يناسبه من الأحكام فحسن ... فلو دعي الرجل إلى معصية قد تاب منها فقال (وما كان لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا) كان حسنا))

• وقد ثبت التمثل بالقرآن على لسان الرسول عليه الصلاة والسلام (عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة ليلا فقال: ألا تصليان! فقلت: يا رسول الله أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا. فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرجع إليّ .. ثم سمعته يضرب على فخذه ويقول (وكان الإنسان أكثر شيء جدلا). وأيضا لما دخل النبي عليه الصلاة والسلام مكة جعل يطعن الأصنام ويقول: (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا).

• وهناك آيات يحرم اتخاذها أمثالا كمثل ما أضافه الله لنفسه , كما روي عن أحد الولاة مر على المساجين فقال:

(اخسؤوا فيها ولا تكلمون).

• والاحاديث مثل الآيات كـ (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين).

* والفرق بين الاقتباس وإرسال المثل - وهو فرق لطيف - هو أن الاقتباس تأتي فيه الجمل في ضمن كلام للمتكلم , أما إرسال المثل فلا يلفظ فيه – غالبا - إلا بنص الآية أو الحديث فحسب.

* وينبغي أن يفرق بين إرسال المثل - وهو ما يأتي عرضا في واقعة ما - و التحدث بالقرآن أي جعل القرآن بدل الكلام كمن يقول لخادمه: (آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) ومن يقول لرجل اسمه موسى (وجئت على قدر يا موسى) وقد حرمه غير واحد من العلماء كابن تيمية وابن مفلح.

أنس بن سليم الرشيد

ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[22 - 08 - 2008, 02:03 م]ـ

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... مرحبًا بك أخي أنسُ بنَ سليم الرشيد.

جزاك الله خيرًا؛ فقد استفدت كثيرًا منها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير