تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال شيخ الإسلام: و المعتزلة تنفي قيام الصفات و الأفعال به و تسمى الصفات أعراضا و الأفعال حوادث ويقولون لا تقوم به الأعراض ولا الحوادث؛ فيتوهم من لم يعرف حقيقة قولهم أنهم يتنزهون الله تعالى عن النقائص والعيون والآفات , ولا ريب أن الله يجب تنزيهه عن كل عيب و نقص وآفة؛ فإنه القدوس السلام الصمد السيد الكامل فى كل نعت من نعوت لكمال كمالا يدرك الخلق حقيقته منزة عن كل نقص تنزيها لا يدرك الخلق كماله و كل كمال ثبت لموجود من غير استلزام نقص فالخالق تعالى أحق به وأكمل فيه منه , وكل نقص ينزه عنه مخلوق فالخالق أحق بتزيهه عنه وأولى ببراءته منه.

مجموع الفتاوى (8

149)

وقال أيضا: والذي ذكرناه من قول أولئك المتكلمين والفلاسفة معنى آخر وهو أن من قال المادة الباقية بعينها , وإنما حدث عرض أو صورة وذلك لم يخلق من غيره ولكن أحدث في المادة الباقية فلا يكون الله خلق شيئا من شيء لأن المادة عندهم لم تخلق؛ أما المتفلسفة فعندهم المادة قديمة أزلية باقية بعينها , وأما المتكلمون فالجواهر عندهم موجودة وما زالت موجودة لكن من قال إنها حادثة من أهل الملل وغيرهم قالوا يستدل على حدوثها بالدليل لا أن خلقها معلوم للناس فهو عندهم مما يستدل عليه بالأدلة الدقيقة الخفية مع أن ما يذكرونه منتهاه إلى أن ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث وهو دليل باطل فلا دليل عندهم على حدوثها وإذا كانت لم تخلق إذ خلق الإنسان بل هي باقية في الإنسان والأعراض الحادثة لم تخلق من مادة فإذا خلق الإنسان لم يخلق من شيء لا جواهره ولا أعراضه وعلى قولهم ما جعل الله من الماء كل شيء حي ولا خلق كل دابة من ماء ولا خلق آدم من تراب ولا ذريته من نطفة بل نفس الجواهر الترابية باقية بعينها لم تخلق حينئذ ولكن أحدث فيها أعراض أو صورة حادثة.

النبوات (1

314)

ومن هنا دخل عليهم إنكار طبائع الأشياء وهذا هو الذي دعاهم إلى القول بتجدد الأعراض فرارا وهروبا من القول بفعل القوى الطبيعية، أو أن يكون العالم صادرًا عن سبب طبيعي.

قال ابن رشد:وأما المقدمة الثانية، وهي القائلة: إن جميع الأعراض محدثة فهي مقدمة مشكوك فيها. وخفاء هذا المعنى فيها كخفائه في الجسم. وذلك أنا إنما شاهدنا بعض الأجسام محدثة، وكذلك بعض الأعراض، فلا فرق في النقلة من الشاهد منها إلى الغائب. فإن كان واجباً في الأعراض أن ينقل حكم الشاهد منها إلى الغائب، أعني أن نحكم بالحدوث على ما لم نشاهده منها، قياساً على ما شاهدناه، فقد يجب أن نفعل مثل ذلك في الأجسام، ونستغني عن الاستدلال بحدوث الأعراض على حدوث الأجسام. وذلك أن الجسم السماوي، وهو المشكوك في إلحاقه بالشاهد، الشك في حدوث أعراضه كالشك في حدوثه نفسه: لأنه لم يحسن حدوثه، لا هو ولا أعراض؛ ولذلك ينبغي أن نجعل الفحص عنه من أمر حركته، وهي الطريق التي تُفضي بالسالكين إلى معرفة الله تبارك وتعالى بيقين، وهي طريق الخواص. وهي التي خص الله بها إبراهيم عليه السلام في قوله: {وكذلك نُري إبراهيم ملكوت السموات والأرض ولِيكون من الموقنين} [الأنعام: 75]، لأن الشك كله إنما هو في الإجرام السماوية. وأكثر النظار إنما انتهوا إليها واعتقدوا أنها آلهة ...

وأدلّتُهم، التي يلتمسون بها بيان إبطال قِدَم الأعراض، إنما هي لازمة لمن يقول بقدم ما يُحَسُّ منها حادثاً. أعني من يضع أن جميع الأعراض غير حادثة. وذلك أنهم يقولون إن الأعراض التي يظهر للحس أنها حادثة، إن لم تكن حادثة، فإما أن تكون منتقلة من محل إلى محل، وإما أن تكون كامنة في المحل الذي ظهرت في قبل أن تظهر. ثم يبطلون هذين القسمين. فيظنون أنهم قد بينوا أن جميع الأعراض حادثة. وإنما بان، من قولهم، أن ما يظهر من الأعراض حادثاً فهو حادث. لا ما لا يظهر حدوثه، ولا ما لا يشك في أمر، مثل الأعراض الموجودة في الأجرام السماوية، من حركاتها وأشكالها وغير ذلك. فتؤول أدِلتهم على حدوث جميع الأغراض إلى قياس الشاهد على الغائب، وهو دليل خطابي إلا حيث النقلة معقولة بنفسها. وذلك عند التيقن باستواء طبيعة الشاهد والغائب.

الكشف عن مناهج الأدلة (33 - 34)

ج- نقد قولهم في أن مالا يخلو من الحوادث فهو حادث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير