تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و روى أبو داود من حديث أنس من مالك رضي الله عنه قال:"قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة و لهم يومان يلعبون فيهما فقال ما هذان اليومان؟ قالوا:كنا نلعب فيهما في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم:إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى و يوم الفطر"

فوجه الدلالة أن العيدين الجاهليين لم يقرهما رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا تركهم يلعبون فيهما على العادة بل قال:إن الله قد أبدلكم بهما يومين آخرين و الإبدال من الشيء:يقتضي ترك المبدل منه إذا لا يجمع بين البدل و المبدل منه.

و المحذور في أعياد أهل الكتابين التي نوافقهم عليها أشد من المحذور في أعياد الجاهلية التي نوافقهم عليها ,فان الأمة قد حذروا مشابهة اليهود و النصارى و أخبروا أن سيفعل قوم منهم هذا المحذور ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخذري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:"لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى ولو دخلوا جحرضب لدخلتموه قالوا:يا رسول الله اليهود و النصارى؟ قال فمن.

بخلاف دين الجاهلية فانه لا يعود إلا في أخر الدهر عند اخترام أنفس المؤمنين عموما

و مما يؤيد هذا المعنى ما رواه أبو داود من حديث ثابت بن الضحاك قال نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم أن ينحر إبلا ببوانة ,فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة فقال النبي صلى الله عليه و سلم هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا قال هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا قال: فقال النبي صلى الله عليه و سلم: أوف بنذرك. فانه لا وفاء لنذر في معصية الله و لا فيما لا يملك ابن آدم"صححه الألباني

بوانة: موضع قريب من مكة

و هذا يدل على أن الذبح بمكان عيدهم و محل أوثانهم معصية لله فإذا كان صلى الله عليه و سلم قد نهى أن يذبح في مكان كان الكفار يعملون فيه عيدا و إن كان أولئك الكفار قد أسلموا و تركوا ذلك العيد و السائل لا يتخذ المكان عيدا بل يذبح فيه فقط.ظهر أن ذلك سدا للذريعة إلى بقاء شيء من أعيادهم خشية أن يكون الذبح هناك سببا لإحياء أمر تلك البقعة و ذريعة إلى اتخاذها عيدا مع أن ذلك العيد إنما كان و يكون و الله أعلم سوقا يتبايعون فيها و يلعبون كما قالت له الأنصار:"يومان كنا نلعب فيهما في الجاهلية "لم تكن أعياد الجاهلية عبادة لهم و لهذا فرق النبي صلى الله عليه و سلم بين كونها مكان وثن و كونها مكان عيد.

فأعياد الكفار من الكتابيين و الأميين في دين الإسلام من جنس واحد كما أن كفر الطائفتين سواء في التحريم و إن كان بعضه أشد تحريما من بعض و لا يختلف حكمهما في حق المسلم

فهذا الحديث و غيره قد دل على أنه كان للناس في الجاهلية أعياد يجتمعون فيها و معلوم:أنه لما بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم محا الله ذلك عنه فلم يبقى شيء من ذلك ,ومعلوم أنه لو لا نهيه و منعه لما ترك الناس تلك الأعياد ,لأن المقتضي لها قائم من جهة الطبيعة التي تحب ما يصنع في الأعياد خصوصا أعياد الباطل من اللعب و اللذات و من جهة العادة التي ألفت ما يعود من العيد ,فان العادة طبيعة ثانية و إذا كان المقتضى قائما قويا, فلولا المانع القوي لما درست تلك الأعياد

و هذا يوجب العلم اليقيني بأن إمام المتقين صلى الله عليه و سلم كان يمنع أمته منعا قويا عن أعياد الكفار ,و يسعى في دروسها و طمسها بكل سبيل بل قد بالغ صلى الله عليه و سلم في أمر أمته بمخالفتهم في كثير من المباحات و صفات الطاعات لئلا يكون ذلك ذريعة على موافقتهم في غير ذلك من أمورهم و لتكون المخالفة في ذلك حاجزا و مانعا عن سائر أمورهم فانه كلما كثرت المخالفة بينك و بين أصحاب الجحيم؛ كان أبعد لك من أعمال أهل الجحيم.فليس بعد حرصه على أمته و نصحه لهم غاية ـبأبي هو وأمي ـ و كل ذلك من فضل الله عليه و على الناس و لكن أكثر الناس لا يعلمون

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير