عيد فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا و هذا عيدنا و في رواية:يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا و إن عيدنا هذا اليوم
فان قوله:"لكل قوم عيدا و هذا عيدنا "فان هذا يوجب اختصاص كل قوم بعيدهم فإذا كان لليهود عيد و للنصارى عيد كانوا مختصين به فلا نشركهم فيه كما لا نشركهم في قبلتهم و شرعتهم
و ليعلم أن ما يفعلونه في أعيادهم معصية لله لأنه إما مبتدع و إما محدث أو منسوخ و أما ما يتبع ذلك من التوسع في العادات من الطعام و اللباس و اللعب و الراحة فهو تابع لذلك العيد فصار ذلك من أقبح المنكرات لأنهم يتعبدون بما لم يشرعه الله
ثم إن مشابهتهم في بعض أعيادهم يوجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل فيرون أن المسلمين قد صاروا فرعا لهم في خصائص دينهم فان ذلك يوجب قوة قلوبهم و انشراح صدورهم و هذا هو الذي أطمعهم في بلاد المسلمين حتى صرنا قصعة مستباحة لليهود و النصارى ينهبون منها ما يشاءون من الخيرات و يأسرون و يقتلون ما يشاءون و هذا أمر محسوس لا يستريب فيه عاقل فكيف نكرمهم بعد أن أهانهم الله و نعزهم بعد أن أذلهم الله و نكو نوا لهم أتباعا منقادين لهم طوع إرادتهم و قد جعلهم الله تبعا لنا و فضلنا عليهم قال تعالى:"كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله و لو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون و أكثرهم الفاسقون"
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة و حذيفة رضي الله عنهما قالا:قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:"أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا فكان لليهود يوم السبت و للنصارى يوم الأحد فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة فجعل الجمعة و السبت و الأحد و كذلك هم تبع لنا يوم القيامة نحن الآخرون من أهل الدنيا و الأولون يوم القيامة المقضي لهم "و في رواية بينهم بين الخلائق رواه مسلم
و في رواية في الصحيحين:نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا و أوتيناه من بعدهم فهذا يومهم الذي فرض الله عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له فالناس لنا فيه تبع:اليهود غدا و النصارى بغد غد "متفق عليه
و المعنى و الله أعلم:أي نحن الآخرون في الخلق السابقون في الحساب و الدخول إلى الجنة كما قد جاء في الصحيح:"إن هذه الأمة أول من يدخل الجنة من الأمم و أن محمد صلى الله عليه و سلم من يفتح له باب الجنة"
و ذلك لأنا أوتينا الكتاب من بعدهم فهدينا لما اختلفوا فيها من العيد السابق للعيدين الأخرين و صار عملنا الصالح قبل عملهم ,فلما سبقناهم إلى الهدى و العمل الصالح جعلنا سابقين لهم في ثواب العمل الصالح
و أيضا فان المشابهة و المشاكلة في الأمور الظاهرة توجب مشابهة و مشاكلة في الأمور الباطنة على وجه المسا رقة و التدريج الخفي قال ابن مسعود رضي الله عنه لا يشبه الزي الزي حتى يشبه القلب القلب
فمشابهتهم في أعيادهم و لو بالقليل هو سبب لنوع ما من اكتساب أخلاقهم التي هي ملعونة فمشابهتهم في الظاهر سبب و مظنة لمشابهتهم في عين الأخلاق و الأفعال المذمومة بل في نفس الاعتقادات و هذا هو الواقع اليوم في مجتمعاتنا الإسلامية ثم إن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة و ومحبة و موالاة في الباطن ,كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر و هذا أمر يشهده الحس و التجربة و الواقع.فإذا كانت المشابهة في أمور دنيوية تورث المحبة و الموالاة فكيف بالمشابهة في أمور دينية؟ فان إفضاءها إلى نوع من الموالاة أكثر و أشد و المحبة و الموالاة لهم تنافي الإيمان قال تعالى:"يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء بعضهم أولياء بعض و من يتولهم منكم فانه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين"
و قال سبحانه وتعالى:"لا تجد قوما يؤمنون بالله و اليوم الآخر يوادون من حاد الله و رسوله و لو كان آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان و أيدهم بروح منه"
فأخبر سبحانه و تعالى أنه لا يوجد مؤمن يواد كافرا فمن واد الكفار فليس بمؤمن فالمشابهة الظاهرة مظنة المودة فتكون محرمة كما تقدم مثل ذلك.
¥