أما لو فعل الذنب وهو لم يستحله بل يعترف أنه حرام فهذا لا يكفر ولو كان الذنب كبيرة دون الشرك والكفر لكنه يكون مؤمناً ناقص الإيمان أو فاسقاً بكبيرته مؤمن بإيمانه.
وقوله: (لا نكفر بذنب) ليس على إطلاقه، فتارك الصلاة متعمداً يكفر، كما دل على ذلك الكتاب والسنة. كما تقوله المرجئة، يقولون: ما دام مصدقاً بقلبه فهو مؤمن كامل الإيمان، أما الأعمال فأمرها هيّن، فالذي لا يصلي ولا يصوم ولا يحج ولا يزكي ولا يعمل شيئاً من أعمال الطاعة، يقولون: هو مؤمن بمجرد ما في قلبه! وهذا من أعظم الضلال.
فالرد عليهم أن الذنوب تضر على كل حال، منها ما يزيل الإيمان بالكلية، ومنها ما لا يزيله بالكلية بل ينقصه وصاحبها معرض للوعيد المرتب عليها"انتهى
وأما قول الموفق (ولا نخرجه عن الإسلام بعمل) فخلاف معتقد السلف في أن بعض الأعمال كفرية بذاتها لا لدلالتها على كفر القلب ونحوه كما تقول المرجئة وبعض فرق الضلال.
فالسجود لصنم وإلقاء المصحف في الحش والذبح لغير الله كلها أعمال كفرية يخرج بها المرء عن الإسلام.
قال إسحاق ([20]):" أجمع العلماء أنَّ من سبَّ الله عزَّ وجلَّ، أو رسولَه صلى الله عليه وسلم، أو دفع شيئاً أنزله الله، أو قتل نبيَّاً من أنبياء الله، وهو مع ذلك مقرٌّ بما أنزل الله، أنَّه كافرٌ"انتهى
قال الإمام البربهاري ([21]):" ولا يخرج أحد من أهل القبلة من الإسلام حتى يردَّ آيةً من كتاب الله عزَّ وجلَّ، أو يردَّ شيئاً من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يصلّي لغير الله أو يذبح لغير الله، وإذا فعل شيئاً من ذلك فقد وجب عليك أن تخرِجَه من الإسلام فإذا لم يفعل شيئاً من ذلك فهو مؤمنٌ ومسلمٌ بالاسم لا بالحقيقة"انتهى
وأهل السنة مجمعون على أن الكفر يكون بالقول والعمل والاعتقاد كما يكون الإيمان بذلك.
وفي اللمعة كلمات فيها نظر للعلماء كما قرر ذلك غير واحد.
قال الإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ في فتاويه ([22]):" ... وأما كلام صاحب اللمعة فهذه الكلمة مما لوحظ في هذه العقيدة، وقد لوحظ فيها عدة كلمات أخذت على المصنف"انتهى
والله أعلم.
تم التعقب بحمد الله تعالى، وقد تركت جملة من المسائل المحتملة ([23]).
والله الموفق.
ـــ
[1]- من ص7 إلى ص20.
[2]- الدرر السنية (3/ 301).
[3]- فتح الباري (11/ 528).
[4]- تيسير العزيز الحميد (ص:415).
[5]- تيسير العزيز الحميد: (ص:418).
[6]- مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1/ 212 - 214).
[7]- تفسير ابن كثير (6/ 546).
[8]- مجموع الفتاوى (7/ 358).
[9]- مجموع الفتاوى (11/ 23). وانظر للاستزاده (مجموع الفتاوى7/ 485، 11/ 182، 13/ 337، 13/ 383 - 384، 18/ 185).
[10]- جامع المسائل لابن تيمية، لعزيز شمس (1/ 86)، الأولى، 1422 هـ، دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع.
[11]- تيسير العزيز الحميد (ص:29، 95).
[12]- حاشية ابن قاسم: ص53.
[13]- القول المفيد: 1/ 88.
[14]- قال الشيخ صالح الفوزان في تحذيره من كتاب (هزيمة الفكر التكفيري):" .... والأشرطة لا تكفي مرجعًا يُعتمد عليه في نقل كلام أهل العلم، لأنها غير محررة، وكم من كلام في شريط لو عُرِضَ على قائله لتراجع عنه، فيجب التثبت فيما ينسب إلى أهل العلم"انتهى.
[15]- قواطع الأدلة (2/ 12).
[16]- المنخول: ص225 - 226.
[17]- المأخذ من النقل وجه الشاهد على التفصيل في أفعاله صلى الله عليه وسلم أما التفصيلات الأصولية فلا يتابع الغزالي على بعضها .... حسبنا موضع الشاهد.
[18]- زاد المعاد (3/ 267).
[19]- شرح قطر الندى: ص 316 بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.
[20]- التمهيد لابن عبد البر (4/ 226).
[21]- شرح السنة:ص31، طبعة ابن القيم.
[22]- فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ: رقم 128.
[23]- ومن ذلك قوله في ص30 بعد سوقه حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا:" لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به"، قال:" .... وصححه الشيخ حافظ حكمي في كتابه معارج القبول"انتهى
ومما لا يخفى أن الشيخ الجليل حافظ بن أحمد الحكمي ليس من أهل صناعة التصحيح والتضعيف، ولا يعرف بطول باع فيها، لا سيما وقد ألف كتابه (معارح القبول) وهو في حداثة سنه (عقده الثالث).
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[07 - 01 - 10, 03:08 ص]ـ
لا أقصد بقولي-:"ومن ذلك قوله في ص30 بعد سوقه حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا:" لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به"، قال:" .... وصححه الشيخ حافظ حكمي في كتابه معارج القبول"انتهى
ومما لا يخفى أن الشيخ الجليل حافظ بن أحمد الحكمي ليس من أهل صناعة التصحيح والتضعيف، ولا يعرف بطول باع فيها، لا سيما وقد ألف كتابه (معارح القبول) وهو في حداثة سنه (عقده الثالث). "- لا أقصد تنقص الشيخ رحمه الله ولا التقليل من شأنه، ومن أنا لأفعل ذلك؟!
ـ[ابو حسين اليافعي]ــــــــ[07 - 01 - 10, 01:13 م]ـ
جزاك الله خيرا.
قد استدرك الشيخ الوصابي - حفظه الله - بعض الأشياء في الطبعات الجديدة كطبعة دار الآثار والطبعة الأولى قديمة وقد استدرك طلاب العلم بعضها ولكنها في ملازم أو مذكرات كالشخ نعمان الوتر وغيره ولكن مشكلتنا أهل اليمن أننا منغلقين لا يسمع بنا أحد ولايعرفنا أحد
وبعض ما ذكرت أخي فيه أخذ وعطاء كتقسيم المؤمنين إلى مقربين وأصحاب اليمين فقد ذكرها الشيخ حافظ الحكمي في معارج القبول ونقل كلام السابقين في ذلك ... ولو كان عندي وقت لفصّلت في بعض النقاط لأنني في مرحلة إعداد خطة في الدراسات العليا والله المستعان.
ولكن على العموم جزاك الله خيرا ولا أقلل ما قمت به بل أشدّ على يدك بارك الله فيك
¥