وهذا مثل إرادة المريض لدوائه الكريه، بل جميع ما يريده العبد من الأعمال الصالحة التي تكرهها النفس هو من هذا الباب، وفي الصحيح: ((حفت النار بالشهوات، وحفت الجنة بالمكاره))، وقال تعالى) كُتِبَ عَلَيْكُمْ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ (الآية.
ومن هذا الباب يظهر معنى التردد المذكور في هذا الحديث؛ فإنه قال: ((لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه))؛ فإن العبد الذي هذا حاله صار محبوباً للحق محباً له، يتقرب إليه أولاً بالفرائض وهو يحبها، ثم اجتهد في النوافل التي يحبها ويحب فاعلها، فأتى بكل ما يقدر عليه من محبوب الحق، فأحبه الحق لفعل محبوبه من الجانبين بقصد اتفاق الإرادة؛ بحيث يحب ما يحبه، ويكره ما يكرهه محبوبه، والرب يكره أن يسوء عبده ومحبوبه، فلزم من هذا أن يكره الموت؛ ليزداد من محاب محبوبه، والله سبحانه وتعالى قد قضى بالموت، فكل ما قضى به؛ فهو يريده، ولا بد منه؛ فالرب مريد لموته لما سبق به قضاؤه، وهو مع ذلك كارهٌ لمساءة عبده، وهي المساءة التي تحصل له بالموت، فصار الموت مراداً للحق من وجه، مكروهاً له من وجه، وهذا حقيقة التردد، وهو أن يكون الشيء الواحد مراداً من وجه مكروهاً من وجه، وإن كان لابد من ترجح أحد الجانبين، كما ترجح إرادة الموت، لكن مع وجود كراهة مساءة عبده، وليس أرادته لموت المؤمن الذي يحبه ويكره مساءته كإرادته لموت الكافر الذي يبغضه ويريد مساءته)).اهـ
·وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (475_476):" والمراد أن الله تعالي قضي علي عباده الموت كما قال: (كل نفس ذائقة الموت) والموت هو مفارقة الروح الجسد , ولا يحصل ذلك إلا بألم عظيم جداً وهو أعظم الآلام التي تصيب العبد في الدنيا ............ فلما كان الموت بهذه الشدة والله قد حتمه علي عباده كلهم _ ولابد لهم منه _ والله يكره أذي المؤمن ومساءته سمي ذلك تردداً في المؤمن ". اهـ
·وقال العثيمين _ رحمه الله تعالي _ كما في لقاء الباب المفتوح (59/ 12):" إثبات التردد علي وجه الإطلاق لا يجوز ... وليس هذا التردد من أجل الشك في المصلحة ولا من اجل الشك في القدرة علي فعل الشئ بل هو من أجل الرحمة بهذا العبد ولهذا قال في نفس الحديث: ((يكره الموت، وأكره إساءته، ولابد له منه)). وهذا لا يعني أنَّ الله عَزَّ وجَلَّ موصوف بالتردد في قدرته أو في علمه، بخلاف الآدمي فهو إذا أراد أن يفعل الشيء يتردد، إما لشكه في نتائجه ومصلحته، وإما لشكه في قدرته عليه: هل يقدر أو لا يقدر. أما الرب عَزَّ وجَلَّ فلا ". اهـ
أهل التاويل والتعطيل:
·ردت هذه الصفة طائفة كما حكي شيخ الإسلام في المجموع (18/ 129) والله المستعان.
التحقيق:
التردد في قبض روح المؤمن صفة فعلية ثابتة لله تعالي بمعناها الذي قرره الأئمة ابن تيمية وابن رجب والله أعلم.
الظل
لغة:
كما في المعجم الوسيط (2/ 982): الظل: ضوء شعاع الشمس إذا استترت عنه بحاجز , و_من كل شئ: شخصه , ومن الشئ: أوله. اهـ.
ذكر الظل:
لم يذكر الظل في كتاب الله تعالي ولكن جاء ذكره في السنة فيما رواه البخاري في ((صحيحه)) (660)، ومسلم في ((صحيحه)) أيضاً
(1031)؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله 000)).
وروى مسلم في ((صحيحه)) (2566) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((000 أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)).
وروى مسلم أيضاً (3006) من حديث أبي اليسر رضي الله عنه مرفوعاً: ((من أنظر معسراً أو وضع عنه؛ أظله الله في ظله)).
وجاء ذكر ظل العرش فيما روى الإمام أحمد في ((المسند)) (5/ 328)، والحاكم في ((المستدرك)) (4/ 169)، والطبراني في ((الكبير))، وابن حبان في ((صحيحه)) (577) من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: ((المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله 000)).
وأورده الألباني في ((صحيح الجامع)) (1937) بلفظ: ((إن المتحابين00))
¥