تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2. توصلت من خلال هذه الدراسة إلى ضابط النفي في هذا الباب، يمكن من خلاله طرق مسائله بدقة، وهو: الإخبار أو الاعتقاد بأن المعاني التي يراد نفيها عن الله عز وجل، غير قائمة بالذات العلية، والأحكام المتعلقة بذلك.

وضابط ما ينفى عن الله عز وجل هو:

أولا: كل صفة عيب كالعمى والصمم، والخرس، والنوم، والموت ... ونحو ذلك.

ثانيا: كل نقص في كماله، كنقص حياته، أو علمه ... أو نحو ذلك.

ثالثا: مماثلة المخلوقين، كأن يجعل علمه كعلم المخلوق، أو وجهه كوجه المخلوق، أو استواءه على عرشه كاستواء المخلوق ... ونحو ذلك.

3. إن منهج أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات قائم على: إثبات ما أثبته الله عز وجل لنفسه في كتابه ونفي ما نفاه عن نفسه في كتبه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.

4. منهج أهل السنة والجماعة في النفي في باب الصفات مستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، وفق فهم السلف الصالح، وقد دل هذا المنهج على أن الصفات المنفية الواردة في القرآن والسنة تأتي لمعنيين رئيسين:

1. نفي النقائص والعيوب عن الله عز وجل المنافية لصفات كماله.

2. إثبات أنه ليس كمثل الله شيء في صفات كماله.

كما أنها ترد غالبا في أحوال أربعة، وهي:

أ - بيان عموم كمال الله عز وجل.

ب - نفي ما ادعاه الكاذبون في حق الله عز وجل من النقائص.

ت - دفع توهم النقص في كمال الله عز وجل.

ث - ذكرها في سياق تهديد الكافرين.

5. موقف أهل السنة والجماعة من الألفاظ المجملة في باب الصفات، عدم جواز استعمال الألفاظ المبتدعة في هذا الباب، لما فيه من المحاذير العظيمة، وبالنسبة لمن يستعملها فإنه يستفصل معه، فإن كان مراده من استعمالها معنى صحيحا، قبل منه المعنى ورد اللفظ، ويعبر عن المعنى الصحيح بالألفاظ الشرعية، وإن كان المعنى باطلا، رد المعنى واللفظ معا.

6. منهج أهل السنة والجماعة في النفي في باب الصفات قائم على جملة من القواعد التي استنبطها أئمة السلف من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فكانت بمثابة الأصول الكلية التي ترد إليها الجزئيات المتعلقة بهذا الباب، وقد حاولت جمع هذه القواعد ودراستها بأدلتها واستخلاص الفوائد منها، وخصصت لها الفصل الثاني من الباب الأول.

7. تبين لي من خلال دراسة موقف الطوائف في النفي في باب الصفات، أن منهج المعطلة في هذا الباب عموما، يدور بين الغلو في التعطيل الذي يصل إلى نفي قيام جميع الصفات بذات الله عز وجل، كما هو حال الفلاسفة بمختلف طوائفهم، والجهمية والمعتزلة، وبين من أثبت بعض الصفات ونفى بعضها، كما هو حال الكلابية ومتقدمي الأشاعرة وبين من أثبت بعضها ونفى أكثرها كما هو حال الماتريدية ومتأخري الأشاعرة.

8. شبه المعطلة النفاة تقوم على أوهام وظنون عقلية ظنوها قطعيات، هي في غالبها مستمدة من فلاسفة اليونان والهند، وأقوال الصابئة والمجوس، وأهل الكتابين، ومما ألقاه إبليس في عقول هؤلاء المعطلة من خيالات، التزموا لأجلها رد ما جاءت به نصوص الكتاب الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فأوقعهم ذلك في التعطيل إما: لجميع الصفات أو بعضها.

9. تبين لي من خلال هذه الدراسة التي قامت على أساس المقارنة بين منهج أهل السنة والجماعة، ومنهج المعطلة النفاة، في النفي في باب الصفات، سلامة منهج أهل السنة والجماعة، لالتزامهم الكامل بما ورد في الكتاب والسنة، وفق فهم السلف الصالح، فجنبهم ذلك الوقوع فيما وقعت فيه المعطلة النفاة من انحراف في هذا الباب، فعطلوا الله عز وجل عن قيام صفاته العلى بذاته عز وجل.

أهم التوصيات:

أما أهم التوصيات التي يمكن أن أقدمها لإخواني القراء الكرام فهي:

1. أوصي إخواني القراء والباحثين بوصية الله عز وجل للأولين والآخرين، قال تعالى: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} [النساء:131].

2. لزوم مذهب السلف في هذا الباب خصوصا وفي سائر أبواب الدين عموما، فهو المذهب الوسط، السالم من التناقض والاضطراب الذي نجده فيما دونه من المذاهب، وهو الحق الذي يجب اتباعه، المؤيد بالحجة والبرهان من صحيح النقل وصريح العقل.

3. كما أتقدم باقتراح لبعض المواضيع التي أرى أنها جديرة بالبحث، مما تبين لي من خلال دراستي لهذا الموضوع، ومنها:

* الصفات الإلهية المنفية الواردة في الكتاب والسنة، وفق منهج أهل السنة والجماعة في النفي، لما لذلك من أهمية كبرى في الوقوف على الأسرار العظيمة التي تضمنها كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأقترح أن يكون البحث بعنوان: "الصفات الإلهية المنفية الواردة في الكتاب والسنة جمعا ودراسة"

*تبين لي من خلال البحث أهمية دراسة منهج شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في حكمه على الطوائف والفرق والكتب والشخصيات، هذا الإمام الذي انبرى في العصور المتأخرة إلى الذود عن عقيدة أهل السنة والجماعة وبيان منهجهم، والكلام بحق مع غاية العدل في شأن كل من رد عليهم، وأقترح أن يكون الموضوع بعنوان: "منهج شيخ الإسلام ابن تيمية في نقد الكتب والرجال والفرق والطوائف العقدية".

*ما كان منهج المعطلة في غالبه يقوم على ألفاظ مجملة عارضوا بها الألفاظ الشرعية، فأوهموا بها جهلة الناس أن مقاصدهم حسنة، تقوم على تنزيه الله عز وجل عما لا يليق به، كان من الضروري الوقوف على هذه الألفاظ، ودراستها وبيان الموقف الصحيح لأهل السنة والجماعة منها، فأقترح دراسة هذا الموضوع، وأن يكون عنوانه: "الألفاظ المجملة وأثرها في الانحرافات العقدية لدى الطوائف المبتدعة في توحيد الأسماء والصفات".

في الختام أحمد الله عز وجل على توفيقه لإتمام هذا البحث، وأسأله سبحانه وتعالى الإخلاص والقبول، وأن يتجاوز عني ما وقع فيه من خطأ أو زلل، وأن يجعله في ميزان حسناتي، يوم لا ينفع مال ولا بنون. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. انتهى كلامه

فالحاصل أن النفي مجمل لصفات النقص والإثبات مفصل لصفات الكمال وهذه طريقة أهل السنة.

وإثبات الصفة لا بد له من دليل، وكذلك نفيها لا بد له من دليل لأن القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير