ثم وصلوا الى طبقة الصحابة .. وأرادوا أن يطبقوا عليهم ما طبقوه على شيوخهم .. فاعترضتهم أمور، منها:
1 - أنهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أمر صلى الله عليه وسلم أن يدع الناسُ التعرض لأصحابه (هل أنتم تاركوا لي صحابتي) وغيرها من الاحاديث
2 - أن الصحابة وقعت بينهم أمور تهيّبَ معها المحدثون أن يدخلوا فيها و ينصبوا أنفسهم حكماً بين الصحابة.
3 - كلام من سبقهم بالكف عن الكلام في الصحابة وتعميم الاجلال لهم لفضل صحبتهم.
فتأمل المحدثون الأمرَ ثم نظروا " استقراءاً " - وهذه كلمة مهمة جداً - فوجدوا أن الصحابة بالرغم من الدماء التي سالت بينهم، وبالرغم من بشريتهم التي معها يقع بعضهم في أمور تجعله فاسقاً شرعياً ساقط الشهادة، وبالرغم من جرأتهم في قول الحق على بعضهم البعض، على الرغم من ذلك كله: لم يدّع أحد من الصحابة أن مناوئه وخصمه من الصحابة قد كذب على رسول الله في حرف واحد. بل بقي يصدّق بعضهم بعضاً.
فقال حينها المحدّثون: نحن أردنا أن نجرح ونعدل لكي نطمئن من صدق الراوي وأنه لم يكذب، وليست غايتنا و ليس غرضنا الأصلي هو الحكم الشرعي على الناس بالعدالة والفسق. فحينما بان لنا أن النتيجة أن الصحابة صدقوا في رواياتهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذن قال المحدثون عندها: سوف نقول أن الصحابة كلهم عدول بمعنى أن كل ما يقولونه هم مصدَّقون فيه ولم يكذبوا، وهذه غاية الجرح والتعديل. أما قولنا أنهم عدول فلا يعنى أكثر من هذا وهو أصطلاح خاص بالمحدثين، وخاص خصوصية ثانية بالصحابة فقط معناه: أنه لم يكذب ومقبول الرواية بغض النظر عن التزامه الشرعي.
وتكتمل الصورة حينما نفهم الآن لماذا أدخل المحدثون كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في عداد الصحابة. والجواب لأن كل من رآهم مرة واحدة صح أن يروي شيئاً عنه صلى الله عليه وسلم وهو مع هذا قد يكون مجهول العدالة الشرعية لكنه حينما روى حديثاً ولو واحداً فقط كان مقبولاً منه لأن كلامه بلغ بقية الصحابة و بينهم القدماء منهم والعلماء فقبلوه و كما قلنا سابقاً أنه بالاستقراء وجدنا أن أحداً من الصحابة لم بتهم بالكذب بالرغم مما جرى بينهم.
فبهذه الطريقة سلِم المحدثون من الخوض فيما جرى بين الصحابة، وحصلوا النتيجة التي أرادوها وهو معرفة من صدق في روايته ونقله.
ولو افترضنا ان الصحابة كذب بعضهم بعضاً واتهم بعضهم بعضا بأنه يكذبون على النبي صلى الله عليه وسلم لما استطاع المحدثون ان يسلكوا هذا المسلك و لكن النبي صلى الله عليه وسلم علمهم وزرع فيهم الصدق ثم حذرهم ايما تحذير من الكذب عليه، فكانت النتيجة أنهم كانوا أمنة في النقل عنه صلى الله عليه وسلم.
ماتساءلتم عنه تساءلتُ عنه وبحثت فيه مدة 15 سنة حتى وجدتُه و فهمته.
والله من وراء القصد
مسدد2
أخي أبا نصر المازري لما لم تقرأ ما سطره الأخ الفاضل مسدد
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[25 - 03 - 10, 10:50 م]ـ
جزاكم الله خير يا إخوة، ولي تأمُل في هذه المسألة (للمدارسة فقط)
فأقول مستعينا بالله عز وجل:
قد قال علماء الأمة بأن الصحابة رضي الله عنهم عدول بلا شك، فهل من ظهر منه معصية ما من الصحابة ينافي أنه عدل! الجواب في ظني يقال:
أننا في زمن، طويت فيه صحيفة الصحابة ولم يبقى لنا إلا تلك الأحاديث والآيات الدالة على عدالتهم وتزكيتهم
(رضي الله عنهم ورضوا عنه)، (وكلا وعد الله الحسنى)، (لا تسبوا أصحابي)، والصحابي هو كل من اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم وسلم مؤمنا ومات على ذلك، وما وقع من بعضهم من معاصي كمن زنا أو شرب الخمر الجواب على ذلك:
أننا منذ أن مات آخر صاحبي ليس لنا إلا النصوص الظاهرة في تزكيتهم وعدالتهم، وما وقع من بعضهم فنقول فيه إما أنه لم يمت على ذلك فتاب، أو متأول، وبالتالي تظهر لنا النصوص جلية (وكلا وعد الله الحسنى) (لا تسبوا اصحابي .. ولانصيفه) فالله عز وجل يعلم الغيب والرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب إلا أنه يوحى إليه، فثبتت التزكية والتعديل لأن الله عز وجل يعلم حالهم ومآلهم ومايختم لهم، ونحن مأمورون بما قاله الله وقاله رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا نعلم الغيب ولا يوحى إلينا، وبالتالي تزول عنا كثير من الإشكالات في هذه المسألة، أما غيرهم فلم يثبت لنا تزكيتهم فليس لنا
¥