تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[28 - 05 - 07, 09:50 ص]ـ

الأخوة الذين جعلوا هذا من قول الظاهرية لا أدري هل هو استنادا الى تعليقي الأول فأنا لم اقل فيه أن هذا قول الظاهريه ولكن هذا المنهج في فهم الادلة هو منهج الظاهرية حيث يقدم ظاهر اللفظ على الموانع الشرعية التي تعارض ظاهرة

جزاك الله خيرًا يا أخي .. والقول برضاع الكبير بمص الثدي هو فعلاً قول الظاهرية، ففي المحلى لابن حزم:

وَقَالَ بَعْضُ مَنْ لَا يَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى فِيمَا يُطْلِقُ بِهِ لِسَانَهُ: كَيْفَ يَحِلُّ لِلْكَبِيرِ أَنْ يَرْضِعَ ثَدْيَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ؟

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا اعْتِرَاضٌ مُجَرَّدٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَمَرَ بِذَلِكَ، وَالْقَائِلُ بِهَذَا لَا يَسْتَحْيِ مِنْ أَنْ يُطْلِقَ: أَنَّ لِلْمَمْلُوكَةِ أَنْ تُصَلِّيَ عُرْيَانَةً يَرَى النَّاسُ ثَدْيَيْهَا وَخَاصِرَتَهَا، وَأَنَّ لِلْحُرَّةِ أَنْ تَتَعَمَّدَ أَنْ تَكْشِفَ مِنْ شَفَتَيْ فَرْجِهَا مِقْدَارَ الدِّرْهَمِ الْبَغْلِيِّ تُصَلِّي كَذَلِكَ وَيَرَاهَا الصَّادِرُ وَالْوَارِدُ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنْ تَكْشِفَ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ بَطْنِهَا كَذَلِكَ - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ عَدَمِ الْحَيَاءِ وَقِلَّةِ الدِّينِ.

وكذلك نقل عنه ابن تيمية وابن حجر القول بكون رضاع الكبير عن طريق مص الثدي، فتأمل!

يقوا ابن حزم رحمه الله:

وَكَانَتْ هَذِهِ الْآثَارُ قَدْ جَاءَتْ مَجِيءَ التَّوَاتُرِ رَوَاهَا نِسَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَوْرَدْنَا، وَسَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ مِنْ الْمُهَاجِرَاتِ وَزَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ. وَرَوَاهُ مِنْ التَّابِعِينَ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَحُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ. وَرَوَاهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الزُّهْرِيِّ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، وَيَحْيَى ابْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَرَبِيعَةُ. وَرَوَاهُ عَنْ هَؤُلَاءِ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَشُعْبَةُ، وَمَالِكٌ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، وَمَعْمَرٌ، وَغَيْرُهُمْ. وَرَوَاهُ عَنْ هَؤُلَاءِ النَّاسِ: الْجَمَّاءُ الْغَفِيرُ، فَهُوَ نَقْلُ كَافَّةٍ لَا يَخْتَلِفُ مُؤَالِفٌ وَلَا مُخَالِفٌ فِي صِحَّتِهِ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ إلَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: هُوَ خَاصٌّ لِسَالِمٍ كَمَا قَالَ بَعْضُ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيَعْلَمْ مَنْ تَعَلَّقَ بِهَذَا أَنَّهُ ظَنٌّ مِمَّنْ ظَنَّ ذَلِكَ مِنْهُنَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ -. وَهَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُنَّ قُلْنَ: مَا نَرَى هَذَا إلَّا خَاصًّا لِسَالِمٍ، وَمَا نَدْرِي لَعَلَّهُ رُخْصَةٌ لِسَالِمٍ، فَإِذْ هُوَ ظَنٌّ بِلَا شَكٍّ، فَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُعَارَضُ بِالسُّنَنِ قَالَ تَعَالَى: {إنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا}. وَشَتَّانَ بَيْنَ احْتِجَاجِ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِاخْتِيَارِهَا وَبَيْنَ احْتِجَاجِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ، وَقَوْلُهَا لَهَا: أَمَا لَك فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ؟ وَسُكُوتُ أُمِّ سَلَمَةَ يُنْبِئُ بِرُجُوعِهَا إلَى الْحَقِّ عَنْ احْتِيَاطِهَا. وَمِنْ أَعْجَبِ الْعَجَائِبِ أَنَّ الْمُخَالِفِينَ لَنَا هَاهُنَا يَقُولُونَ: إنَّ الْمُرْسَلَ كَالْمُسْنَدِ، وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَرْضَعْنَ الْكَبِيرَ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَكَانَ ذَلِكَ لَهُنَّ خَاصَّةً. وَقَالَ آخَرُونَ: هَذَا مَنْسُوخٌ بِنَسْخِ التَّبَنِّي. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا بَاطِلٌ بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ فِي نَصٍّ ثَابِتٍ: هَذَا مَنْسُوخٌ، إلَّا بِنَصٍّ ثَابِتٍ مُبَيَّنٍ غَيْرِ مُحْتَمَلٍ، فَكَيْفَ وَقَوْلُ سَهْلَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ؟ بَيَانٌ جَلِيٌّ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَاتِ الْمَذْكُورَاتِ وَبِالْيَقِينِ نَدْرِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ خَاصَّةً لِسَالِمٍ، أَوْ فِي التَّبَنِّي الَّذِي نُسِخَ لَبَيَّنَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَمَا بَيَّنَ لِأَبِي بُرْدَةَ فِي الْجَذَعَةِ إذْ قَالَ لَهُ تُجْزِئُك وَلَا تُجْزِئُ أَحَدًا بَعْدَك.

وفي كلامه فائدة قيمة، فهو قد فهم من استغراب سهلة وقولها للنبي صلى الله عليه وسلم (كَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ؟) أنه "بَيَانٌ جَلِيٌّ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَاتِ الْمَذْكُورَاتِ" أي بعد نزول آيات الرضاع في الحولين. وفهمه هذا يخالف فهم الشيخ الحويني الذي ذهب إلى كون استغرابها لكيفية إرضاع سالم مباشرة.

والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير