وما أدري أين العمل الذي يشهد له وعمر ينكر على عثمان رضي الله عنه التخلف، والنبي يندب إلى التبكير في أحاديث كثيرة؟! منها: أحاديث أوس بن أوس "من بكر وابتكر .. - وفي آخره - كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها" وهو في السنن الأربعة وصحيحي ابن حبان والحاكم، وقد أنكر غير واحد من الأئمة على مالك رحمه الله في هذه المسألة، فقال الأثرم: قيل لأحمد: كان مالك يقول: لا ينبغي التهجير يوم الجمعة، فقال: هذا خلاف حديث رسول الله {وقال: سبحان الله إلى أي شيء ذهب في هذا والنبي {يقول: "كالمهدي جزوراً".
وأنكر على مالك أيضاً ابن حبيب (59) إنكاراً بليغاً، فقال: "هذا تحريف في تأويل الحديث، ومحال من وجوه؛ لأنه لا تكون ساعات في ساعة واحدة، فشرح الحديث بيِّن في لفظه ولكنه حُرّف عن وضعه، وشُرح بالخلف من القول، وزهد فيما رغب فيه رسول الله {من التهجير في أول النهار، وزعم أن ذلك كله إنما يجتمع في ساعة واحدة قرب زوال الشمس، حكاه عنه ابن عبد البر وقال هذا منه تحامل على مالك (60).
والقول الثاني: هو الأقرب في نظري لما سبق، من الأدلة الصريحة الدالة على فضيلة التبكير للجمعة، وقد أنكر ابن القيم على الإمام مالك عمل أهل المدينة فقال: "وأما كون أهل المدينة لم يكونوا يروحون إلى الجمعة أول النهار فهذا غاية عملهم في زمان مالك رحمه الله، وهذا ليس بحجة ولا عند من يقول إجماع أهل المدينة حجة، فإن هذا ليس فيه إلا ترك الرواح إلى الجمعة من أول النهار، وهذا جائز بالضرورة وقد يكون اشتغال الرجل بمصالحه ومصالح أهله ومعاشه وغير ذلك من أمور دينه ودنياه أفضل من رواحه إلى الجمعة من أول النهار" (61).
الهوامش:
(1) صحيح البخاري، رقم الحديث: 841.
(2) انظر أحمد في مسنده 4 - 9+10+104، وابن أبي شيبة 2 - 93، وأبو داود 345، وابن ماجه 1087، وابن حبان 2781، والطبراني في معجمه الكبير 585، والحاكم 1 - 282، والبيهقي 3 - 229، والبغوي في شرح السنة 1060.
(3) المجموع للنووي 4 - 542.
(4) نيل الأوطار 1 - 277، ولم أجده في مظانه في كتب العراقي ولعله في شرحه لجامع الترمذي.
(5) إتحاف السادة المتقين 3 - 241.
(6) الضعفاء الكبير للعقيلي 2 - 211.
(7) الإصابة 1 - 92.
(8) أخرجه الطبراني في الأوسط 4411، وفيه عطاء بن عجلان الحنفي، قال ابن حجر فيه متروك، وقد قيل إنه كذاب.
(9) أخرجه الطبراني في معجمه الكبير 7134، وفيه عبد الوهاب بن الضحاك، قال ابن حجر فيه متروك، كذبه أبو حاتم.
(10) أخرجه الخطيب البغدادي 6 - 200، وفي سنده: إبراهيم بن هدية. نقل الذهبي في الميزان 1 - 71 عن أبي حاتم وغيره أنه قال عنه: كذاب.
(11) أخرجه الطبراني في الكبير 7689 وفيه عفير بن معدان، قال ابن حجر: ضعيف.
(12) أخرجه الطبراني في الكبير 4726، وفيه إبراهيم بن محمد بن جناح، قال الهيثمي في المجمع 2 - 178: لم أ جد من ذكره.
(13) فتح المغيث للسخاوي 3 - 189.
(14) تحفة الأحوذي 3 - 5.
(15) النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 3 - 367.
(16) هلال بن يساف الأشجعي مولاهم الكوفي، ثقة، من الثالثة (التقريب 576).
(17) عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث الزهري، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات أبوه في ذلك الزمان، فعد لذلك من الصحابة. قال العجلي: من كبار التابعين (التقريب 336).
(18) فتح الباري لابن رجب 8 - 90.
(19) شعب الإيمان 6 - 250، وفي سنده أبو عتبة هو: أحمد بن الفرج الحجازي ضعفه محمد بن عوف الطائي قال ابن عدي لا يحتج به هو وسط وقال ابن أبي حاتم محله الصدق. ميزان الاعتدال 1 - 272.
(20) انظر: صحيح ابن حبان 7 - 20، والسنن الكبرى للبيهقي 3 - 227، وشرح السنة للبغوي 2 - 570، والمجموع للنووي 4 - 463، وشرح الطيبي على المشكاة 4 - 1276.
(21) صحيح ابن خزيمة 3 - 152 رقم 1803.
(22) صحيح البخاري مع الفتح 2 - 431، رقم 884.
(23) سنن أبي داود 2 - 247، رقم 346.
(24) قال في لسان العرب 4 - 220: الخمط: ضرب من الأراك له حمل يؤكل ... وقال الفراء: الخمط: ثمر الأراك ... و الخمط: شجر مثل السدر، وحمله كالتوت.
(25) السنن الكبرى 3 - 227.
(26) نيل الأوطار 1 - 277.
¥