أما من فقد وهو ابن سبعين أو ابن ثمانين فقال ابن عرفة: يزاد له عشرة أعوام وقيل: يجتهد فيما يزاد له من السنين.
خامسا:
المفقود في المقاتلة بين المسلمين والكفار، فمن كان ضمن هذه الفئة فإن السلطان وجب عليه البحث عنه فإن كان غالب الظن بموته حكم السلطان بذلك، وفي الرواية الصحيحة في المذهب فإن زوجته تعتد بعد سنة من البحث والتفتيش والنظر على زوجها المفقود وقيل: تعتد بعد سنة من رفع أمر زوجها إلى السلطان. (1)
أما الإمهال لمدة أربع سنين لزوجة المفقود في بلاد المسلمين في غير زمن وباء فقد استدلوا عليها بفعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه (2)، وقالوا أن هذا الفعل على سبيل التعبيد، واشترطوا لجواز التفريق بين المفقود وزوجته أن يكون له مال تنفق منه، فإن لم يكن له مال تنفق منه زوجته فإن الحاكم يفرق بينهما لسبب آخر وهو عدم القدرة على الإنفاق، واشترطوا أن لا يكون بينهما شرط كأن تكون الزوجة اشترطت على زوجها أن لا يغيب عنها فإن اشترطت هذا الشرط فرق الحاكم بينهما لإخلال الزوج في الشرط المبرم بينهما والتفريق للشرط أولى من غيره. (3)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ شرح الخرشي على مختصر سيدي خليل: 4/ 148 ـ 153
2 ـ المحلّى: 10/ 134
3 ـ حاشية العدوي على شرح الخرشي: 4/ 149
(5)
أما إن لم يكن بين الزوجة وزوجها المفقود شرطا ولم يكن له مال تنفق منه على نفسها، وطلبت زوجته من الحاكم أن يفرق بينهما أو أن يحكم بموته، فإن القاضي يبحث عن الزوج المفقود بكافة الوسائل في جميع الأقسام الخمسة المذكورة، وعليه أن يكلف الزوجة إثبات الزوجية، ويشهد الشهود على وفاته بغلبة الظن أو وجود طاعون في الأرض التي فقد بها، أو وجوده بين صفي القتال ونحو ذلك، مما تدعيه المرأة فإن ثبت كل ذلك ومضى الأجل المضروب سواء كان الأجل سنة في حالات أو كان أربع سنين في حالات أخرى، فإن للحاكم أن يحكم بعد ذلك بوفاته، ويقسم أمواله بين ورثته، وتعتد زوجته عدة الوفاة، ثم تحل للأزواج حسب ما هو مذكور في حكم كل قسم من أقسام المفقود الخمسة في المذهب (1)
أما الشافعية:
فقد وردت عن الإمام الشافعي رضي الله عنه في زوجة المفقود روايتان
الرواية الأولى:
توافق مذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله بأن لا يفرق بين المفقود وزوجته، وأنها زوجته حتى يأتيها البيان وما عليها إلا أن تنتظر وتتربص فلا تتزوج من غيره حتى يستبين أمر موته.
فقد روي عن الشافعي أنه قال: أن من غاب عن زوجته أو لم يغب عنها بل فقد في ليل أو نهار أو انكسرت به سفينة وانقطع خبره ولم يعرف حاله فليس لزوجته نكاح غيره حتى يتيقن من فلها بعد ذلك أن تنكح غيره واستدل الشافعية على هذا القول بما ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال (امرأة المفقود ابتليت فلتصبر ولا تنكح حتى يأتيها موته) (2) ولأن الأصل بقاء الحياة وليس الأصل ذهابها. وهذا مذهب الشافعي في الجديد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ حاشية العدوي على شرح الخرشي: 4/ 149
2 ـ المحلى: 10/ 138
(6)
الرواية الثانية:
فقد وافق فيه الإمام الشافعي الإمام مالك رحمهما الله تعالى في أن زوجة المفقود تتربص بنفسها أربع سنين من وقت غياب زوجها وانقطاع خبره ثم بعد ذلك فإن لها أن تعتد عدة الوفاة وتنكح غيره بعد انقضاء العدة، وهذا رأي الشافعي في القديم.
ومما استدل به الشافعية في القديم ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قضى بذلك، كما رويت هذه الرواية عن عثمان بن عفان وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما، كما استدل الشافعية كذلك بالقياس على الجب والعنّة، والعلة المشتركة بين زوجة المفقود وزوجة العنين فوات الاستمتاع في كل منهما. (1)
أما الحنابلة:
فرق الحنابلة بين غيبة وغيبة وقالوا إن غياب الرجل عن امرأته لم يخل حالتين
الحالة الأولى:
من كانت غيبته غير منقطعة فهو غائب في حقيقة الأمر ولكن يصل كتابه ويعلم مكان وجوده وتجرى عودته فهذا باتفاق أهل العلم و إجماعهم لا يجوز لزوجته أن تنكح غيره وليس داخلا في مفهوم المفقود ولا هو في محل البحث والنزاع.
الحالة الثانية:
المفقود المنقطع خبره الغير معلوم المكان وهذا قسمه الحنابلة إلى قسمين
القسم الأول:
¥