تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما الأجل الذي يجب على الزوجة انتظاره، فهو خلاف بين العلماء لم يستقروا فيه على رأى واحد وما مآل اختلافهم هذا إلا لأنه لم يرد فيه نص من كتاب أو سنة صحيحة، لذلك فإن الزيدية أرجعوا أمر التفريق بينهما للقاضي، يحكم فيه بما يراه مناسبا في طول المدة وقصرها بحسب حالة الغائب والغائب عنها، واختلاف أحوال الزمان والمكان. (1)

من الواضح أن الزيدية ليس لهم أي مستند في جواز التفريق بين الزوجة الغائب عنها زوجها وهذا الزوج الغائب إلا الضرر الحاصل فليس لهم نص في كتاب أو سنة بل قد صرحوا بذلك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ الروضة الندية في شرح الدرر البهية للشوكاني: 2/ 56

السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار: 2/ 257

(10)

المطلب الثالث: مناقشة الأدلة.

الناظر المتمحص في أقوال الفقهاء في المسألة يرى الاختلاف الواقع بينهم في هذه المسألة فمن مانع للتفريق بين الزوجين على أي حال كانت مثل أبو حنيفة وأصحاب المذهب الحنفي والشافعي في المذهب الجديد وابن حزم وأصحاب المذهب الظاهري.

إلى قسم آخر وهم الجمهور الذين أجازوا أن يفرق بين المرأة وزوجها المفقود وهم الإمام مالك وأصحاب المذهب المالكي والإمام أحمد بن حنبل وأصحاب المذهب الحنبلي والشافعي في القديم وأصحاب المذهب الزيدي من الشيعة.

وحتى من قالوا بجواز التفريق بين المرأة وزجها المفقود اختلفوا في المدة التي يجب أن تمكثها المرأة حتى يجوز لها أن تطلب التفريق.

وأنا أرى أنه لا يمكن الحكم في المسألة والترجيح بين الأقوال حتى نعرض لأدلة الفريقين ونعرضها على النحو التالي

أولا:

استدل المانعون للمرأة من مفارقة زوجها المفقود فيما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: في امرأة المفقود (هي امرأته حتى يأتيها البيان) (1)

وهذا الحديث ضعيف بل قيل أنه منكر وجاءت نكارته لرواية محمد بن شرحبيل، وهو متروك الحديث ويروي الأباطيل.

وما دام الحديث لا يصح فلا يجوز الاعتماد عليه في تقرير حكم شرعي فالحكم الشرعي من مفتيه هو ادعاء منه أن فتواه هي رأي الله تعالى في المسألة، وكيف يصح نسبة شيء إلى الله دون وجود دليل على هذا المنسوب، وكيف يستدل عليه بحديث منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا تصح نسبته إليه بأي حال من الأحوال فالقائلون بهذا الرأي رأيهم مرجوح.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ نصب الراية لأحاديث الهداية: 3/ 473

(11)

ثم استدلوا بقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه (امرأة المفقود ابتليت فلتصبر ولا تنكح حتى يأتيها موته) (1)

هذا الأثر وإن صحت نسبته لعلي رضي الله عنه فما عدا كونه قول صحابي واجتهاده خالفه فيه غيره من الصحابة وليس أحد منهم أولى بالإتباع من غيره وعند أهل الأصول قول الصحابي ليس بحجة فكيف يصح الاعتماد عليه في جلب حكم شرعي وخصوصا إن وجد المخالف من طبقته.

ثانيا:

* أما المثبتين لجواز التفريق بين المرأة وزوجها المفقود ما صح في قضاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أنها تتربص بنفسها أربع سنوات ثم تعتد بعد ذلك بعدة المتوفى عنها زوجها وقد صحت هذه الروايات بعدة طرق (2)

* واستدلوا أيضا بموافقة العديد من الصحابة له مثل عثمان بن عفان وعبد الله بن عباس وغيرهم من الصحابة.

وهذا الدليل وإن صح في قضاء عمر فإن المخالفين لهم لا يسلمون لهم بحجيته في جلب حكم شرعي فهو و وإن وافقه بعض الصحابة فقد خالفه غيرهم مثل علي بن أبي طالب فلا يصح ادعاء الإجماع وخصوصا مع وجود مخالف معلوم مثل علي رضي الله عنه، وكما قدم المجيزون عند اعتراضهم على ما استدل به المانعون من أثر علي رضي الله عنه في أنه قول صحابي ولا يصح الاستدلال به وهو ليس حجة باتفاق فقد يحتج عليهم المانعون بمثل ما احتجوا به.

من هنا نرى كذلك أن هذا الدليل لم يسلم من المخالفين ولم يسلم للمحتجين به لسلامة منطق المخالفين ولضعف حجة المقرين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ المحلى: 10/ 138

2 ـ المحلى: 10/ 134

(12)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير