ج – ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (28830): قال: حدثنا حفص بن غياث، عن حجاج، عن الحسن بن سعد، عن عبد الله بن شداد: أنَّ امرأة رًفعت إلى عمر أقرَّت بالزنا أربع مرات، فقال: إنْ رجعت لم نُقم عليها الحد، فقالت: لا يجتمع عليَّ أمران: آتي الفاحشة ولا يُقام عليَّ الحد! قال: فأقامه عليها [27].
يرد عليه:
1 – أنَّ هذا الأثر لا يصح.
د – ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (28831) قال: حدثنا حفص، عن حجاج، عن نافع، عن سليمان بن يسار: أنَّ أبا واقدٍ بعثه عمر إليها، فذكر مثله [28].
يرد عليه:
1 – أنَّ هذا الأثر لا يصح.
هـ - ما أخرجه أبو يعلى في مسنده (328) قال: حدثنا عبيد الله: حدثنا عثمان بن عمر: حدثنا هذا الشيخ أيضا أبو المحياة التيمي قال: قال أبو مطر: رأيت علياً أتي برجل فقالوا: إنه قد سرق جَمَلاً فقال: ما أُرَاكَ سرقت! قال: بلى! قال: فلعله شُبِّهَ لك؟ قال: بلى قد سرقت! قال: اذهب به يا قُنْبُر فشد أصبعه وأوقد النار وادع الجزار يقطعه، ثم انتظر حتى أجيء، فلما جاء قال له: سرقت؟ قال: لا! فتركه. قالوا: يا أمير المؤمنين لم تركته وقد أقر لك؟ قال: أخذته بقوله وأتركه بقوله، ثم قال علي: أتي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – برجلٍ قد سرق فأمر بقطعه ثم بكى. فقيل: يا رسول الله لم تبكي؟ فقال: وكيف لا أبكي وأمتي تقطع بين أظهركم؟ قالوا: يا رسول الله أفلا عفوت عنه؟ قال: " ذاك سلطان سوء الذي يعفو عن الحدود، ولكن تعافوا بينكم ". [29]
يرد عليه:
1 – أنَّ هذا الأثر لا يصح.
2 – على التسليم بصحة هذا الأثر: أنَّ استدلال علي – رضي الله عنه – بحديث النبي – صلى الله عليه وسلم – في غير مَحَلِّهِ، وذلك لأنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – أَمَرَ بقطعه ولم يلقنه الرجوع، ولا طَلَبَ ممن سيقطع يده أن يخيف المتهم قبل إقامة الحدِّ عليه لعله يرجع؛ بل قصارى حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – يدل على مشروعية العفو عن العقوبة فيما فيه حقٌّ خاص وعام، قبل بلوغ الإمام.
3 – أنّ َ هذا اجتهاد من صحابي مخالفٌ لفعل النبي – صلى الله عليه وسلم – وإقرارهِ لصحابته – رضوان الله عليهم –، والله سبحانه يقول: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول " فلم نؤمر بطاعة من خالفهما.
و – ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (28832): قال: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر وعطاء قالا: إذا أقرَّ بحدٍّ زنا أو سرقة، ثم جحد دُرِئَ عنه.
يرد عليه:
1 – أنَّ عامراً وعطاءً من التابعين، وقولهم يحتجُّ له ولا يُحْتَجُّ بِهِ.
2 – أننا نجد في القول الآخر: قول الحسن – وهو من أئمة التابعين – يقول في الرجل يُقِرُّ عند الناس ثم يجحد. قال: يؤخذ به. [30]
الدليل الخامس: أنَّ رجوع المقرِّ عن إقراره شبهة، والحدود تدرأ بالشبهات، والشبهة هنا: احتمال كذبه على نفسه.
يرد عليه:
1 – أنَّ مجرد الرجوع ليس شبهةً [31]، وذلك بدليل ما ذكرتموه في سبب عدم دفع دية ماعز – رضي الله عنه –.
2 – ومما يؤكد ذلك أيضاً: أنَّه لا يكاد شخص سيعرض على السيف أو الحجارة أو يعلم مصيره بسبب إقراره إلا ويرجع عن اعترافه ليدرءَ عن نفسه الحد؛ وهذا في حقيقته تعطيلٌ لحدود الله! ومثل هذه الشبهات السامجة لو درئت بها الحدود لضاعت حقوق العباد وخاصةً أن المجرم لا يرتكب جريمته علناً أمام الناس من أجل أن نَجِدَ من يشهد عليه؛ فإذا لم يوجد الشاهد ولم نأخذ بإقراره الأول ضاعت الحقوق والحدود.
3 – أنَّ احتمال كَذِبِ الإنسان على نفسه ضعيفٌ جداً؛ فمن ذا الذي يرضى أن يُدَنِّسَ سمعته وشرفه كذباً وزوراً منه على نفسه؟! إلا اللهم مَنْ فقد أهليته المعتبرة شرعاً!
4 – أنه على افتراض إمكانية أن يكذب الإنسان على نفسه؛ فهل سيؤدي هذا الرجوع عن الإقرار إلى تعزيره تعزيراً بليغاً على كذبه ومحبته لإشاعة الفاحشة بين المسلمين؟! بل هل سيقام عليه حد القذف لقذفه تلك المرأة التي ادَّعى زناه بها؟! [32] وهذا مما يُنَازعُ فيه بعض القائلين بالقول الثاني.
¥