تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكون العرايا استثنيت منه فلا يعني ذلك أبداً أن تحريمه من باب تحريم الوسائل؛ لأن إباحة بيع الرطب بالتمر إنما خص ذلك بالرطب لكونه قوت الناس وطعامهم، والشارع لم يأذن بالفاضل المتيقن في العرايا، وإنما سوغ الشارع المساواة بالخرص من أهل الخبرة بالخرص في مقدار قليل تدعو إليه الحاجة، وهو قدر النصاب خمسة أوسق فما دون، والخرص معيار شرعي للتقدير في أمور كثيرة منها الزكاة، والمالكية يجيزون العمل بالتحري في بيع كثير من الأموال الربوية بعضها ببعض حتى ولو لم تكن من العرايا.

قال الباجي: «وبدل الدنانير بالدنانير، والدراهم بالدراهم على وجهين:

أحدهما وزناً، والثاني: عدداً. فأما الوزن فلا يجوز فيه إلا التساوي، ولا يجوز فيه زيادة على وجه معروف، ولا بمسامحة ..... وأما المبادلة بالعدد فإنه يجوز ذلك وإن كان بعضها أوزن من بعض في الدينار والدينارين على سبيل المعروف والتفضل، وليس ذلك من التفاضل؛ لأنهما لم يبنيا على الوزن، ولهذا النوع من المال تقديران: الوزن والعدد، فإن كان الوزن أخص به، أولى فيه إلا أن العدد معروف، فإذا عمل به على العدد جوز يسير الوزن زيادة على سبيل المعروف ما لم يكن في ذلك وجه من المكايسة والمغابنة، فيمنع منه. وهذا عندنا مبني على مسألة العرية، وذلك أن العرية لما كان للثمرة تقديران: أحدهما: الكيل، والآخر الخرص، والتحري، جاز العدول عن أولهما إلى الثاني للضرورة على وجه المعروف، فكذلك الدنانير والدراهم» ([75] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_edn75)).

والاستثناء من المحرم لا يعني أبداً أن تحريمه ليس تحريم مقاصد، فالشرك أعظم المحرمات، ومع ذلك يباح إذا خاف الإنسان على نفسه.

واستدل بعضهم على أن ربا الفضل من باب المحرمات لغيره

بما رواه أحمد من طريق أبي جناب عن أبيه،

عن ابن عمر قال قال رسول الله ? لا تبيعوا الدينار بالدينارين، ولا الدرهم بالدرهمين، ولا الصاع بالصاعين، فإني أخاف عليكم الرماء، والرماء هو الربا، فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله، أرأيت الرجل يبيع الفرس بالأفراس والنجيبة بالإبل؟ قال: لا بأس إذا كان يداً بيد ([76] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_edn76)).

وجه الاستدلال: أخذ بعض أهل العلم من قوله ? (إني أخاف عليكم الرماء) أن تحريمه من باب تحريم الوسائل، لكونه يفضي إلى ربا النسيئة.

إلا أن الحديث ضعيف، ولفظة (إني أخاف عليكم الرماء) الصحيح أنها لا تثبت مرفوعة إلى النبي ?، وإنما موقوفة على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وسبق تخريجه ولله الحمد في بحث علة الربا في الأصناف الأربعة.

الدليل السابع:

المعاوضة إذا جازت على هذه الصياغة مفردة جازت عليها مضمومة إلى غير أصلها وجوهرها، ولا فرق بينهما في ذلك ([77] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_edn77)).

فإذا كان يسوغ لصاحب الذهب أن يذهب إلى الصائغ، ويستأجره على الصياغة منفردة، ويعطيه أجره على عمله، جاز أن تكون أجرة الصياغة مضمومة إلى مبادلة الذهب بالذهب.

المناقشة:

ليس كل عقد جاز منفرداً جاز مضموماً إلى غيره، فهذا عقد القرض جائز بالإجماع، وعقد البيع جائز بالإجماع، وإذا باعه بشرط أن يقرضه حرم ذلك بالإجماع.

لما رواه أبو داود الطيالسي من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن عمرو ابن شعيب، عن أبيه،

عن عبد الله بن عمرو، قال: نهى رسول الله ? عن سلف وبيع، وعن شرطين في بيع، وعن بيع ما ليس عندك، وعن ربح ما لم يضمن ([78] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_edn78)).

[ إسناده حسن، وسبق تخريجه].

والمراد بالسلف: هو القرض في لغة الحجاز، فنهى عن الجمع بين البيع والقرض، وإنما نهى عن الجمع بين البيع والقرض وإن كان كل واحد منهما صحيحاً بانفراده لأنه ربما حاباه في البيع لأجل القرض، فيؤدي إلى أن يجر القرض نفعاً للمقرض، فلما كانت الفائدة على القرض ربما تستتر بعقد البيع نهى عنها الشارع.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير