لا يلزم من القول بجواز الضمان القول بجواز البيع، فمن أتلف حراً أو أتلف منافعه لزمه ديته وقيمة ذلك المنافع، ولو باع حراً لم يصح البيع، بل ربما صح اعتبار قيمة الشيء في البيع، ولم يصح اعتبار تلك القيمة في المبادلات الربوية، فهذا التمر الجيد إذا باعه بالأثمان، وأخذ قيمة الجودة جاز ذلك بلا نزاع، وإذا بادل التمر الجيد بالرديء حرم بالإجماع أخذ قيمة الجودة.
الترجيح:
بعد استعراض الأقوال والأدلة أجد أن القول بجواز بيع الحلي بجنسه متفاضلاً هو قول ضعيف، ولكن استتر ضعفه حين تبنى هذا القول رجل بقوة ابن تيمية وابن القيم، ولذلك تجد القول القوي يضعف حين يحتج له رجل ضعيف علمياً بينما تجد القول الضعيف يستتر ضعفه إذا تبناه رجل بمثل ابن تيمية وابن القيم، وقد رزقهما الله قوة في الجدل والبيان، وأرجو أن أكون قد وفقت في كشف غموض هذه المسألة والتي اختلف فيها بعض أهل العلم في عصرنا بين مجيز ومانع، والله أسأل أن يجعل العمل خالصاً لوجهه، على سنة رسول ?.
([1]) فتح الباري (4/ 380)، شرح النووي على صحيح مسلم (11/ 10)، عمدة القارئ (11/ 294)، المبسوط (14/ 11)، الفتاوى الهندية (3/ 220)، البحر الرائق (6/ 141)، بدائع الصنائع (2/ 20)، اللباب في الجمع بين السنة والكتاب (2/ 495)، شرح معاني الآثار (4/ 72)، الفروق (3/ 264)، المنتقى (4/ 258)، كشاف القناع (3/ 261)، الكافي في فقه الإمام أحمد (2/ 55)، المغني (4/ 97).
([2]) شرح النووي على صحيح مسلم (11/ 10)، وإدخاله الحلي في الأمور المجمع عليها فيه نظر كما سيأتي تحريره إن شاء الله تعالى.
([3]) صحيح البخاري (1312)، ومسلم (1594).
([4]) سنن أبي داود (1627) ورجاله كلهم ثقات.
وقد أخرجه النسائي في المجتبى (4564)، وفي السنن الكبرى (6156)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 4)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 277، 291)، وابن عبد البر في التمهيد (2/ 246 - 247)، (6/ 297) من طريق أبي الخليل.
وأخرجه النسائي في المجتبى (4563) وفي الكبرى (6155) والطبري في تهذيب الآثار (2/ 746) والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 4) من طريق قتادة، كلاهما عن مسلم بن يسار به.
وقد تابع أبو أسماء الرحبي مسلم بن يسار، رواه الدارقطني (3/ 18) من طريق همام عن قتادة، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن أبي الأشعث الصنعاني به. وسنده صحيح.
قال قتادة: وحدثني صالح أبو الخليل، عن مسلم المكي ... فذكر طريق مسلم بن يسار المكي. فصار قتادة له فيه شيخان.
لكن رواه مسلم (1587) من طريق أيوب وخالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث مباشرة، ولفظه: الذهب بالذهب والفضة بالفضة ... مثلاً بمثل، سواء بسواء، ولم يذكر تبرها وعينها.
([5]) يقول ابن القيم في أعلام الموقعين (2/ 159): «المصوغ والحلية إن كانت صياغته محرمة كالآنية حرم بيعه بجنسه، وغير جنسه، وبيع هذا هو الذي أنكره عبادة على معاوية، فإنه يتضمن مقابلة الصياغة المحرمة بالأثمان، وهذا لا يجوز كآلات الملاهي ... ». وانظر تفسير آيات أشكلت (2/ 622).
([6]) عمدة القارئ (11/ 294)، المبسوط (14/ 11)، الفتاوى الهندية (3/ 220)، البحر الرائق (6/ 141)، بدائع الصنائع (2/ 20)، اللباب في الجمع بين السنة والكتاب (2/ 495)، شرح معاني الآثار (4/ 72)، الجامع لأحكام القرآن (3/ 349 - 350)، المنتقى للباجي (4/ 258)، التمهيد (2/ 242)، منح الجليل (4/ 503)، القبس (2/ 820)، إكمال المعلم (5/ 275)، مواهب الجليل (4/ 317)، الخرشي (5/ 43)، شرح النووي على صحيح مسلم (11/ 10)، فتح الباري (4/ 380)، أسنى المطالب (2/ 22)، كشاف القناع (3/ 261)، الكافي في فقه الإمام أحمد (2/ 55)، المغني (4/ 97).
([7]) أضواء البيان (1/ 180).
([8]) فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (7/ 174).
([9]) فتاوى إسلامية للمشايخ ابن باز وابن عثيمين، وابن جبرين (2/ 263).
([10]) فتاوى الحرم (3/ 196)، فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين (2/ 221،222).
([11]) قرارات هيئة كبار العلماء في السعودية، القرار (168)، فقرة (2) بتاريخ 4/ 3/1411هـ. ونصه: «يرى المجلس بالأكثرية وجوب التماثل في بيع المصوغ من الذهب إذا بيع بذهب غير مصوغ، وكذا المصوغ من الفضة إذا بيع بفضة غير مصوغة من غير زيادة مع أحدهما».
([12]) فتاوى اللجنة الدائمة (13/ 500).
¥