تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الحضر والمقصود بالتغريب الإيحاش بالبعد عن الأهل والوطن فقد غّرب عمر إلى الشام وعثمان إلى مصر وعليٌّ إلى البصرة وإذا عين الإمام جهة فليس له أي المُغَرَّبُ طلب غيرها في الأصح وله استصحاب زوجة ومال للنفقة وله استصحاب من يخاف عليهم من بعده ويحبس إن خيف إفساده للنساء أو الغلمان وكذا كلُّ من خيف منه الإفساد ولو كان غير زانٍ. فقد روى أبوداود عن أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بمخنث قد خضب يديه ورجليه، فقال صلى الله عليه وسلم: ما بال هذا؟ قيل: يتشبه بالنساء، فأمر به فنفي إلى النقيع). وقد روى البخاري عن ابن عباس أنه قال: (لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء وقال: (أخرجوهم من بيوتكم)). قال الحافظ بن حجر واستدل به علىأن المراد بالمخنثين المتشبهون بالنساء لا من يؤتى فإن ذلك حده الرجم ومن وجب رجمه لا يُنْفَى.

ويُغَرَّبُ غريبٌ من بلد الزنا إلى غير بلده فإن عاد إلى بلده هو مُنِعَ في الأصح لأن المقصود من التغريب الإيحاش ولا وحشة في تغريبه إلى بلده ولا تغرب امرأة زانية وحدها في الأصح بل مه زوج أو محرم لما روى مسلم من حديث ابن عمر (لا تسافر المرأة يومين من الدهر إلا ومعها ذو محرم منها أو زوجها).

وروى الشيخان بألفاظ متقابرة من حديث أبي سعيد وابن عمر وأبي هريرة (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا معها أبوها أو أخوها أو ابنها أو زوجها أو ذو محرم منها). ولو بأجرة طلبها منها فتلزمها فإن أعسرت ففي بيت المال فإن تعذر اُخِّرَ التغريب حتى تُوسِرَ كأمن الطريق. فإن امتنع أو الزوج أو المحرم حتى بالأجرة لم يجبر في الأصح لأن في إجباره تعذيب من لم يذنب وعلى هذا يؤخر تغريبها إلى أن يتيسر.

والعبد حده خمسون جلدة ويغرب نصف سنة قال تعالى: (فإن أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) النساء25. وفي قول يُغَرَّبُ العبد سنة لأن الأمر يتعلق بالطبع فلم يفرقوا بين العبد والحر كمدة العُنَّةِ ومدة الإيلاء وفي قول لا يغرب لأن في تغريبه تفويت حق السيد والرقيق لا أهل له فلا يستوحش بالتغريب.

ويثبت الزنا ببينة ويشترط في البينة التفصيل بذكر المزني بها وكيفية الإيلاج ومكانه ووقته كأن يقول الشاهد: أشهد أنه أدخل حشفته أو قدرها في فرج فلانة بمحل كذا وقت كذا على سبيل الزنا والبينة أربعة شهود لقوله تعالى: (فاستشهدوا عليهنَّ أربعة منكم) النساء15.

أو إقرار ولو مرة لأنه صلى الله عليه وسلم علق الرجم بمطلق الاعتراف فقج روى الشيخان عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وأغدُ يا أُنيس –رجل من أسلم- إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) فغدا عليها فاعترفت، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت) ولم يذكروا تعدد الإقرار. وأما ما رواه الشيخان عن جابر وابن عباس أن ماعز بن مالك اعترف عند النبي أربع مرات فلما شهد على نفسه أربع شهادات، دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أبك جنون؟ قال: لا، قال: هل أحصنت؟ قال: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارجموه) فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كرر الإقرار على ماعز لأنه شك في عقله فقد قال له: (أبك جنون؟). ولم يكرر في خبر الغامدية.

ولو أقر ثم رجع عن إقراره بالزنا سقط الحدُّ عنه لما روى أبوداود عن ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لماعز: لعلك قبلت أو غمزت؟ قال: لا) يعرض له بالرجوع عن الإقرار. ولما روى أحمد والترمذي من حديث أبي هريرة (أنهم ذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن ماعزاً فرّ حين وجد مسَّ الحجارة ومسَّ الموت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلا تركتموه) ولو قال لا تحدوني أو هرب فلا يسقط عنه الحد في الأصح لأنه أقرَّ صراحة بالزنا ولم يقرَّ بالرجوع عن قوله أو لو رجع عن إقراره أو هرب لم يُطْلَب لأن ماعزاً لما هرب قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه) قال ابن عبدالبر: وهذا أوضح دليل على أنه يُقْبَلُ رجوعه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير