تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولو شهد أربعة بزناها وأربعة نسوة شهدن أنها عذراء لم تُحَدَّ هي لشبهة بقاء العذرة ولا قاذفها لقيام البينة بزناها ولاحتمال عودة بكارتها لترك المبالغة في الإيلاج ولا يُحَدُّ الشهود أيضاً لقوله تعالى: (ولا يضار كاتب ولا شهيد) البقرة282. ولما روى الترمذي وغيره عن عائشة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ادرأوا الحدود بالشبهات) ولو عين شاهد من الأربعة زاوية لزناه والباقون منهم عينوا زاوية غيرها أو عين واحد زمناً والآخرون زمناً آخر لم يثبت زناها لعد تمام العدد في الشهود ويستوفيه أي الحد الإمام أو نائبه من زانٍ حرٍ ومبعضٍ لأنه لا ولاية للسيد على البعض الحرِّ منه.

ويستحب عند استيفاء الحد حضور الإمام وحضور شهوده أي شهود الزنا. قال تعالى: (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) النور2. وقد روى أبوداود وغيره أنه صلى الله عليه وسلم أمر برجم ماعز والغامدية ولم يَحْضُر ويَحدُّ الرقيقَ سيدُهُ أو الإمام فإن تنازعا فيمن يحده فاًلأصح الإمام لعموم ولايته. فقد روى أبوداود والنسائي والبيهقي من حديث علي (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم)) وروى الشيخان من حديث أبي هريرة (إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها). وأن السيد يغربه كما يجلده لعموم الخبر (أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم) لأن التغريب من جملة الحد وأن المكاتب كحُرٍّ فلا يستوفي الحدّ إلا الإمام أو نائبه لخروج المكاتب عن قبضة السيد وأن الفاسق والكافر والمكاتب يَحُدُّون عبيدهم لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم). وأن السيد يعزر ويسمع البينة بالعقوبة لأنه يملك إقامة الحد فملك سماع البينة به.

والرجم بمَدَرٍ وهو الطين المتحجر وحجارة معتدلة قيل هي التي تملأ الكف ولا يحفر للرجل عند إقامة الحد عليه بالرجم والأصح استحبابه للمرأة إن ثبت الحد ببينة إلى صدرها لئلا تنكشف فقد روى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمه –أي رجم ماعز- فانطلقنا إلى أن وصلنا إلى بقيع الغرقد فما أوثقناه ولا حفرنا له ورميناه بالعظام والمدر والخزف).

وروى مسلم من حديث بُريد قال: (ثم أُمِرَ بها فحفر لهاإلى صدرها وأمر الناس فرجموها). ولا يؤخر الرجم لمرضٍ وحرٍ وبرد مفرطين لأن المراد من الرجم استيفاء الحد وهو النفس بكل حالٍ. وقيل يؤخر الرجم إن ثبت الزنا بإقرار لأن له سبيلاً إلى الرجوع عن الإقرار ويؤخر الجلد لمرض أو جُرحٍ يرجى برؤه أو لكونها حاملاً لأن مقصود الجلد الردع لا القتل.

فقد روى مسلم وغيره عن عمران بن الحصين (أن امرأة من جهينة إعترفت عند النبي صلى الله عليه وسلم بالزنا فقالت: أنا حُبلى، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وليها فقال: أحسن إليها فإذا وضعت فأخبرني) فإن لم يُرجَ برؤه جلد لا بسوط بل بهُثْكال عليه مائة غصن فإن كان خمسون ضُرِب به مرتين وتمسه أي المجلود الأغصان جميعها أو ينكبس بعضها على بعض ليناله بعض الألم لئلا تتعطل حكمة الجلد وهي الزجر فقد روى الدارقطني وعيره عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن سعيد بن سعد بن عبادة قال: (كان بين أبياتنا رجل مخدج ضعيف فلم يُرعَ إلى وهو على أمة من إماء الدار يخبث بها فرَفَعَ شأنه سعد بن عبادة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (اجلدوه مائة سوط) فقال: يا نبي الله هو أضعف من ذاك لو ضربناه مائة سوط لمات، قال صلى الله عليه وسلم: (فخذوا له عثكالاً فيه مائة شمراخ فاضربوه واحدة وخلوا سبيله)) فإن بَرَأ المجلود بعد أن ضرب بما ذكر أجرأه الضرب السابق ولا يعاد عليه الحدُّ ولا جلد في حرٍّ وبرد مفرطين ولا في مرض بل يؤخر إلى البُرْء واعتدال الوقت وإذا جلد الإمام في حرٍّ وبرد أو مرض فهلك المجلود فلا ضمان على النص لحصول التلف من واجب شرعي أقيم عليه فيقتضي هذا النص أن التأخير مستحب وقيل بل هو واجب فقد قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المريض لا يجلد حتى يصح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير