تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يشترط لوجوبه أي قطع السرقة في المسروق أمور الأول كونُهُ ربع دينار دينار خالصاً أو قيمته أي مقوماً به على أن الأصل في التقويم هو الذهب الخالص. قال الشافعي: الأصل في تقويم الأشياء هو الذهب لأنه الأصل في حواهر الأرض كلها حتى قال: إن الثلاثة الدراهم إذا لم تكن قيمتها ربع دينار لم توجب القطع. والدينار وزن مثقال فقد روى البخاري عن عائشة أنها قالت: (لم يُقْطَع السارق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في أدنى من المحجن) وثمن المحجن عندهم ربع دينار وفي خبر مسلم (لا تُقْطَعُ اليد إلا في ربع دينار فما فوقه) على أن يكون خالص الذهب في المسروق ربع دينار والتقويم بالذهب المضروب خالصاً ولو سرق رُبُعاً سبيكة لا يساوي رُبُعاً مضروباً فلا قطع في الأصح لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب القطع في ربع دينار والدينار إنما يقع على المضروب أو ما يقوم مقامه. فقد روى الشافعي في المسند والبخاري ومسلم عن عائشة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اقطعوا السارق في ربع دينار فأما بدون ربع دينار فلا تقطعوه)). ولو سرق دنانير ظنها فلوساً لا تساوي في ظنه ربع دينار فبلغت رُبُعاً قُطِعَ لأنه قصد سرقة وبلغ المسروق ربع دينار ولا عبرة بالظن. وكذا ثوبٌ رثٌّ إذا سرقه وكان وفي جيبه تمام ربعٍ جهله السارق فإنه يقطع به في الأصح لأنه أخرج نصاباً من حرز على قصد السرقة ولو أخرج نصاباً من حرز مرتين وذلك بأن لم يكن نصاباً في المرة الأولى فتمَّ نصاباً في المرة الثانية فإن تخلل بين المرتين عِلْمُ المالك وإعادة الحرز بنحو إصلاح نقب وغلق باب فالإخراج الثاني سرقة أخرى ولا قطع لأن كل واحدة منفصلة عن الأخرى ولم تبلغ نصاباً وإلا أي وإن لم يتخلل علم المالك أو تخلل ولم يُعِدِ الحرزَ قُطِعَ في الأصح لأنه أخذ النصاب من حرز هتكه بنفسه والحرز باقٍ بالنسبة إليه وقيل إن علم المالك بالحال ولم يُعِدِ الحرز فلا قطع قطعاً لأن المالك مضيع لحقه وقيل إن كانت السرقتان في ليلة واحدة قطع وإن كانت الثانية في غير ليلة الأولى فلا قطع. ولو نقب شخصٌ وعاء حِنْطةٍ ونحوها كوعاء زيت أو سمن فانصبَّ نصابٌ أي انصب منه شيء قيمته ربع دينار قطع به في الأصح لما فيه من هتك الحرز وتفويت المال فَعُدَّ الفاعل سارقاً والثاني لا يقطع لأنه متسبب فقط والسبب ضعيف لا يقطع به.

ولو اشتركا في إخراج نصابين قُطِعا لأن كلاً منهما سرق نصاباً من حرز وإلا أي وإذا كان المخرج دون النصابين فلا قطع على واحد منهما توزيعاً للمسروق بينهما بالسوية ولو سرق خمراً وخنزيراًً وكلباً وجلد ميتة بلا دبغ فلا قطع به على الصحيح لأن جميع ما ذكر ليس بمال فإن بلغ إناء الخمر نصاباً ولم يقصد بإخراجه من الحرز إراقتها وكان دخوله بقصد سرقتها قطع بالإناء على الصحيح لأنه أخذه من حرزه ولا شبهة له فيه كما لو سرق إناء من نجاسة فإنه يقطع باتفاق. وقيل الخمر في اٌناء شبهة في دفع الحدِّ عنه عنه لأنه واجب الإراقة ولا قطع في طُنْبور ونحوه كمزمار وغيره من آلات اللهو ومثل الطنبور كل آلة معصية كالصليب والكتاب الذي ينشر الباطل المحرم ويصور المنكر ويذيع الفساد وقيل إذا بلغ مُكسَّرُهُ أي إذا نُقِضَ تأليفه وصار خشباً أو معدناً يستعمل في أشياء مباحة وبلغت قيمته نصاباً قُطِعَ لأنه سرق ما يساوي ربع دينار من حرزه قلت: هذا الثاني أصح والله أعلم لسرقته نصاباً من حرزه ولا شبهة له فيه ولو كانت لذمي قطع قطعاً الثاني من شروط المسروق كونه ملكاً لغيره فلا قطع بماله فيه ملك كسرقة ماله الذي في يد غيره وإن كان مرهوناً أو مؤجراً ولا يقطع فقر في مال موصى به للفقراء لأن له فيه حقاً فهو كسرقة المال المشترك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (ادرؤوا الحدود بالشبهات). وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن عمر (أنه أوتي برجل سرق من بيت المال فكتب إليه بعض عماله بذلك فقال: خلُّوه لا قطع عليه ما من مسلم إلا وله حق في بيت المال). فلو ملكه بإرث وغيره قبل إخراجه من الحرز فلا قطع لأنه ملكه وكذلك بعد إخراجه من الحرز وقبل الرفع للحاكم لأن القطع إنما يتوقف على الدعوى أو نقص فيه أي الحرز عن نصاب بأكل لبعضه وغيره أي وغير الأكل كالإحراق والتضمخ بالطيب والاغتسال بالصابون وشرب الدواء لأن ذلك يعتبر تلفاً له في الحرز وكذا إن ادعى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير