تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأنه لا يجوز ذلك لمن لَحِقَ الجيش بعد الحرب والحيازة أي لا يجوز التبسط المذكور بالطعام والعلف لمن لحق بالجيش بعد انقضاء الحرب وبعد حيازة الغنيمة لأنه كالأجنبي معهم وأن من رجع إلى دار الإسلام ومعه بقية لزمه ردها إلى المغنم لزوال الحاجة بعد العودة إلى داره هذا إذا لم تقسم الغنيمة أما إذا قسمتْ الغنيمة فلا يردُّ شيئاً إلى الغانمين إنما يرد إلى الإمام أو يجعله في المصالح وقيل يبيعه ويتصدق بثمنه وقيل يكون له ولا يرده وموضع التبسط دارُهُم أي دار الكفار وهي دار الحرب وكذا ما لم يصل عمران الإسلام في الأصح فإذا وصل دار الإسلام امتنع التبسط ونقصد بدار الإسلام هي الدار التي في قبضة المسلمين ولو لم يكن فيها مسلم.

ولغانم رشيد أو محجوراً عليه بفلس الإعراض عن الغنيمة قبل القسمة لأن الغرض الأعظم من الجهاد إعلاء كلمة الله تعالى والذبُّ عن ملة الإسلام والغنائم تابعة لذلك فمن أعرض عنها فقد جرد قصده للغرض الأعظم ومحَّضَ جهاده للآخرة. والأصح جوازه أي الإعراض عن الغنيمة من رشيد بعد فرز الخمس لأن حقه لم يتميز بعد وما زال على الشيوع وجوازه أي الإعراض لجميعهم أي لجميع الغانمين وبطلانه أي بطلان الإعراض من ذوي القربى وسالبٍ لأنهم ملكوا ذلك قهراً. والمعرض عن الغنيمة حكمه في الغنيمة كمن لم يحضر فيُضمُّ نصيبه إلى المغنم ومن مات ولم يعرض عن الغنيمة فحقه لوارثه فله طلبه ولا تملك الغنيمة إلا بقسمة ولهم أي الغانمين التملك قبل القسمة وقيل يملكون الغنيمة بمجرد الحيازة ويكون التملك بأن يقولَ بعد الحيازة وقبل القسمة اخترتُ ملك نصيبي من الغنيمة وقيل إن سَلِمَتْ الغنيمة إلى القسمة بأن ملكهم لها بالاستيلاء وإلا بأن تلفت أو أعرضوا عنها فلا ملك لهم ويُمْلَك العَقَارُ بالاستيلاء كالمنقول أي يختص به الغانمون بمجرد الاستيلاء كما يختصون بالمنقول. قال تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه) الأنفال4 ولم يفرق بين المنقول وغير المنقول.

ولو كان فيها أي الغنيمة كلبٌ أو كلابٌ تنفع لصيد أو ماشية أو زرع وأرادَهُ بعضهم أي الغانمين ولم ينازع فيه أعطيَهُ لأنه ليس له مالية فلا ضرر على الآخرين في أخذه وإلا أي إذا نوزع قسمت تلك الكلاب إن أمكن التقسيم وإلا أُقْرِعَ بينهم دفعاً للنزاع والصحيح أن سواد العراق وسُمِيَ سواداً لأنهم حين خرجوا من البادية رأوا خضرة فقالوا ما هذا السواد والعرب تطلق السواد على الخضرة فُتِحَ عَنْوَة في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومعنى عنوة أي قهراً وغلبة وقُسِّمَ بين الغانمين ثم بذلوه بعد قسمته واختيار تملكه والبذل إنما يكون ممن يملك وعو الغانمون. فقد أخرج الشافعي في الأم عن جرير بن عبدالله البجلي قال: (كانت بجيلة ربع الناس يوم القادسية فقسم لهم عمر ربع السواد فاستغلوا ثلاث سنين أو أربعاً ثم قدمت على عمر فقال: لولا أني قاسم مسؤول لتركتكم على ما قسم) وروى البيهقي عن عمر أنه قال (لولا أخشى أن يبقى آخر الناس بياناً لا شيء لهم لتركتكم وما قُسِمَ لكم ولكنّي أحب أن يلحق آخرُ الناس أولَهم) وتلا قول الله تعالى (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم) الحشر10.

ووُقِفَ على المسلمين لأن عمر خاف تعطيل الجهاد إذا اشتغلوا بزراعته لو تُرِكَ بأيديهم روى أحمد في المسند والبيهقي في السنن وأبو داود عن ابن عمر (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم). ولأنه لم يستحسن قَطْعَ مَنْ بعدهم كما مرَّ في خبر البيهقي عن عنر فقد روى يحي بن آدم في كتاب الخراج عن سفيان الثوري أنه قال: (جعل عمر السواد وقفاً على المسلمين ما تناسلوا).

وروى البخاري عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال: (لو لا آخر المسلمين ما غَنَمْتُ قريةً إلا قسمتها بين أهلها كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير