تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وخراجه أجرة تؤدى كلَّ سنة لمصالح المسلمين الأهم فالأهم وليس لأهل السواد بيعه ولا رهنه ولا هبته لكونه صار وقفاً ولهم إحارته مدة معلومة لا مؤبدة ولا يجوز لعير ساكنه أن يقول أنا أستثمره وأعطي الخراج لأن أهله ملكوا المنفعة بالإرث بعقد بعض آبائهم مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

وهو أي السواد حدوده من عبادان إلى حديثة الموصل طولاً ومن القادسية إلى حُلْوان عرضاً وعبادان ميناء قرب البصرة وحديثة الموصل غير حديثة بغداد والقادسية قرب الكوفة وهو موضع المعركة المشهورة بين المسلمين والفرس قلت الصحيح أن البَصْرَة وإن كانت داخلة في حد السواد فليس لها حكمه إلا في موضع غربيِّ دجلتها وهو النهر المشهور وفي موضع شرقيها يسمى نهر الصَّراة وما عدا ذلك كان مواتاً أحياه المسلمون بعد ذلك. فقد روى عمر بن شبة في (أخبار البصرة) أن أرض البصرة كات سبخة فأحياها المسلمون وكان ذلك سنة أربع عشرة للهجرة وكان السابق إلى ذلك عتبة بن غزوان.

وإن ما في السواد من الدور والمساكن يجوز بيعه والله أعلم لأنه لم يدخل في الوقف وفتحت مكة صلحاً قال تعالى: (ولو قاتلكم الذين كفروا لولََّوا الأدبار ثم لا يجدون ولياً ولا نصيراً) الفتح22. والذين كفروا هم أهل مكة وقال تعالى: (وهو الذي كفَّ أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيراً) الفتح24. وهذا يعني أن مكة فتحت صلحاً فدورها وأرضها المُحْياة مِلكٌ يباع قال الغزالي فدورها وأرضها المحياة ملك يباع إذ لم يزل الناس يتبايعونها. وروى الشيخان عن أسامة بن زيد (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له أسامة بن زيد يا رسول الله أتنزل غداً بدارك بمكة؟ فقال: وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور) والرباع هي العقارات والربع: المنزل.

? فصل في أمان الكفار ?

والأمان ضد الخوف وأرد به هنا ترك القتل والقتال مع الكفار وقد تقتضي المصلحة عقد الأمان ولا يبيح الإسلام للحربي أن يدخل بلادنا من غير أن يكون معه أمان يجعلنا نطمئن إليه وينقسم الأمان إلى عام وهو ما تعلق بأهل إقليم أو بلد وهو للهدنةوهذا يختص بالإمام وولاته وإلى الخاص وهو ما تعلق بآحاد الناس ويصح من الولاة والآحاد والأصل في الأمان قوله تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه) التوبة6.

وروى الشيخان عن علي أنه قال (ما عندي إلا كتاب الله وهذه الصحيفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ذمة المسلمين واحدة فمن أخطر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) وروى أبو داود عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المسلمون تتكافؤ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم) يصح أي الأمان من كل مسلم مكلف مختار ولو كان عبداً أو فاسقاً أو محجوراً عليه لسفه أو امرأة أمان حربي واحد وعدد محصور فقط كعشرة ومائة ولا يجوز أمان أسير ولا أمان ناحية وبلدة ويجوز أمان قرية صغيرة بشرط ألا يتعطل الجهاد بأمانهم فقد روى أحمد في المسند عن عبدالله بم مسلمة: أن رجلاً أجار رجلاً من المشركين فقال عمر بن العاص وخالد بن الوليد لا نجيز ذلك فقال أبو عبيدة بن الجراح: ليس لكما ذلك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يجيرُ على المسلمين بعضهم) فأجاروه. وروى الشيخان عن أمِّ هانيء بنت أبي طالب أنها أجارت حَمَوَين لها من المشركين يوم الفتح فأراد عليٌ قتلهما وقال لها: أتجيرين المشركين والله لأقتلنهما فقالت: يا رسول الله يزعم ابن أمي أنه قاتل من أجرت، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (ليس لك ذلك من أجرتِ أجرناه ومن أمنتِ أمناه).

ولا يصح أمان أسير لمن هو معهم في الأصح لأنه مقهور في أيديهم لا يعرف وجه المصلحة ويصح الأمان بكل لفظ يضر مقصوده صريح نحو أمنتك أو أجرتك أو أنت في أماني أو كناية نحو أنت على ما تحب أو كن مطمئناً أو كن كيف شئت وبكتابة ورسالة يصح الأمان وكذلك يصح بالإشارة المفهمة ويصح اللفظ بالأعجمية. فقد روى البيهقي عن حديث أبي وائل قال: (جاءنا كتاب عمر وفيه وإذا قال الرجل للرجل: لا تخف فقد آمنه وإذا قال له: مَتَرْسٌ فقد آمنه) ومعنى (مَتَرس) أي لا تخف. وأخرج ابن أبي شيبة عن أسامة بن زيد قال: قال عمر: (أيما رجل من المسلمين أشار إلى رجل من العدو إن نزلتَ ما قتلتُك فنزل وهو يرى أنه أمان فقد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير