تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أسلم مولى عمر بن الخطاب (أنه أجلى اليهود والنصارى من الحجاز وأذِنَ لمن دخل منهم تاجراً أن يقيم ثلاثاً) ويُمْنَعُ دُخولَ حرمِ مكةَ مطلقاً. قال تعالى: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلةً فسوف يغنيكم الله من فضله) التوبة28. وإنما خافوا العَيلة أي الفقر بانقطاع المشركين عن التجارة في الحرم لا عن المسجد نفسه فقد أخرج البخاري عن أبي بكر الصديق أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يحجنَّ مشركٌ بعد عامي هذا).

فإن كان الكافر رسولاً إلى من بالحرم من الإمام ونائبه خرج إليه الإمام ونائبه ليسمعه ويخبر الإمام فإن قال لأؤديها إلا مشافهة تعين خروج الإمام إليه لذلك وإن مرض الكافر فيه أي في حرم مكة نقل منه فإن مات فيه لم يدفن فيه فإن دفن فيه نبش وأخرج منه وإن مرض في غيره أي في غير حرم مكة من الحجاز وعظمت المشقة في نقله أو خِيفَ زيادة المرض تُرِكَ تقديماً لأعظم الضررين وإلا أي وإن لم تعظم المشقة فيه نقل مراعاة لحرمة الدار، فإن مات وتعذّرَ نقله دفن هناك للضرورة فإن لم يتعذر نُقِلَ فإن دُفِنَ ترك.

? فصل في مقدار مال الجزية ?

أقل الجزية دينار لكل سنة عن كل واحدٍ غنياً كان أو فقيراً لما روى الترمذي وغيره عن معاذ (أنه صلى الله عليه وسلم لما وجهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم ديناراً أو عدله من المعافر) والمعافر هي ثياب تكون باليمن. ويستحب للإمام محاكمةٌ أي المطالبة بالزيادة على الدينار حتى يأخذ من متوسط دينارين وغنيٍ أربعةً فقد روى مالك في الموطأ عن عمر بن الخطاب (أنه صالح أهل الشام على أن يأخذ من الغني ثمانية وأربعين درهماً ومن المتوسط أربعة وعشرين درهماً وممن دونه ديناراًُ) أي ما يعادل أثني عشر درهماً ولو عقدت ذمة للكفار بأكثر من دينار ثم علموا بعد العقد جواز دينار لزمهم ما التزموا فإن أبوا بذل الزيادة على الدينار فالأصح أنهم ناقضون للعهد فيبلغون المأمن. ولو أسلم ذميٌّ أو مات بعد سنين أخذت جزيتهن أي جزية السنين التي مضت قبل إسلامه أو موته من تركته مقدمة على الوصايا والإرث كسائر الديون ويسوّى بينها أي الجزية وبين دين آدمي على المذهب لأنها أجرة فإن لم تفِ التركة بجميع الديون ضاربهم الإمام بقسط الجزية.

أو أسلم أو مات في خلال سنة فقسط أي فيجب عليه من الجزية بقدر ما مضى من الحول كما لو استأجر داراً ليسكنها سنة فسكنها بعض السنة وفُسخت الإجارة وفي قول لا شيء عليه إذا لم يتمَّ سنة بعقد الذمة لأنه حق يُعْتَبر في وجوبه الحَولُ فلم يتعلق حكمه ببعض الحول كالزكاة. وتؤخذ الجزية بإهانة فيجلس الآخذ ويقوم الذمي ويطأطيء رأسه ويحني ظهره ويضعها أي الجزية في الميزان ويقبض الآخذ منه الجزية لحيته ويضرب لهزميته وهما مجتمع اللحم بين الحنك والأذن من الجانبين وكله مستحب وقيل واجب وهو معنى الصغار في قوله تعالى: (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) التوبة29.

وروى الإمام مسلم وغيره عن أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه).

وأخرج البيهقي من طريق عبدالرحمن بن غنم عن عمر بن الخطاب أن عمر حين صالح أهل الشام كتب كتاباً وفيه (فشرَطنا أن لا نتشبه بهم في لباسهم - أي بالمسلمين- في شء من قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين وأن نشدَّ الزنانير في أوساطنا وأن نَجزَّ مقاديم رؤوسنا ولا نتشبه بهم في مراكبهم ولا نركب السروج ولا نتقلد السيوف ولا نتخذ شيئاً من السلاح ولا نحمله). فعلى الأول أي الاستحباب له توكيل مسلم بالأداء للجزية عنه وحوالة بها عليه وأن يضمنها المسلم عن الذمي وعلى القول بالوجوب يمتنع كلُّ ذلك لقوات الإهانة الواجبة التي تشعره بالذلة والصغار.

قلت هذه الهيئة باطلة ودعوى استحبابها أشدُّ خطأ والله أعلم. قال النووي في الروضة في الهيئة المذكورة لا نعلم لها على هذا الوجه أصلاً معتمداً وقال جمهور الأصحاب تؤخذ الجزية برفق كأخذ الديون فالصواب الجزم بأن هذه الهيئة باطلة مردودة على من اخترعها ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الخلفاء الراشدين فعل شيئاً منها مع أخذهم الجزية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير