تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويستحب للإمام إذا أمكنه أن يشرط عليهم إذا صُولِحوا في بلدهم ضيافة من يمرُّ بهم من المسلمين زائداً على أقل الجزية لما أخرج الشافعي عن أبي الحويرث مرسلاً والبيهقي في السنن (أن النبي صلى الله عليه وسلم صالح أهل أيلة على ثلاث مئة دينار وكانوا ثلاث مئة رجل وعلى ضيافة من يمر بهم من المسلمين) وأما قوله زائداً على أقل الجزية لأن الجزية مبنية على التملك والضيافة على الإباحة فلم يجز الاكتفاء بالضيافة. وقيل يجوز أن تكون الضيافة منها أي الجزية لأنه ليس عليهم إلا الجزية وتجعل الضيافة على غني ومتوسط لا فقير في الأصح فقد أخرج مالك عن أسلم (أن عمر رضي الله عنه وضع الجزية على أهل الذهب أربعة دنانير وعلى أهل الوَرِق ثمانية وأربعين درهماً وضيافة ثلاثة أيام لكل من مرَّ بهم من المسلمين). ولا تكون الضيافة على الفقير لأنها قد تتكرر فيعجز عنها ويذكر العاقد وجوباً عدد الضيفان رجالاً وفرساناً وجنس الطعام والأُدم وقدرهما ولكل واحد من الضيفان كذا من الطعام والأُدم وعَلَفَ الدواب ومنزل الضيفان من كنيسة وفاضل مسكن يذكرها العاقد أيضاً ومُقَامَهُمْ أي ويذكر العاقد مدة إقامتهم ولا يجاوز ثلاثة أيام لأن غاية الضيافة ثلاثة أيام والأصل في ذلك ما رواه البيهقي من طريق الشافعي عن أبي الحويرث مرسلاً (أنه صلى الله عليه وسلم صالح أهل أيلة على ثلاثمائة دينار وكانوا ثلاثمائة رجل على ضيافة من يمر بهم من المسلمين). وروى الشيخان من حديث أبي شريح (الضافة ثلاثة أيام) والطعام والأُدم كالخبز والسمن والخبز واللحم وأما العلف فكالتبن والحشيش. والمنزل بحيث يدفع الحرَّ والبرد ولا يخرجون أهل المنازل من منازلهم فإن ذلك يَحْرُمُ.

ولو قال قوم نؤدي الجزية باسم صدقة فللإمام إجابتهم إذا رأى ذلك فتسقط عنهم الإهانة ويمتنع فعلها من المسلمين ويضعف عليهم الزكاة لما روى ابن أبي شيبة بسنده عن عمر بن الخطاب (أنه صالح نصارى بني تغلب علىأن يضعِّف عليهم الزكاة مرتين وعلى ألا ينصروا صغيراً وعلى ألا يكرهوا على دين غيرهم). وذكر الشافعي عن عمر (أنه طلب الجزية من نصارى العرب: تنوخ وبهرا وبنو تغلب فقالوا: نحن عرب لا نؤدي ما يؤدي العجم فخذ منا ما يؤخذ بعضكم من بعض - يعنون الزكاة - فقال عمر: هذا فرض الله على المسلمين، فقالوا: زدنا ما شئت بهذا الاسم لا باسم الجزية، فراضاهم على أن يضعف عليهم الصدقة، وقال: هؤلاء حمقى رضوا بالاسم وأبوا المعنى).

فمن خمسة أبعرة تؤخذ شاتان ومن خمسة وعشرين بعيراً تؤخذ بنتا مخاض ومن أربعين من الغنم تؤخذ شاتان ومن ثلاثين من البقر تبيعان وعشرين ديناراً يؤخذ منها دينار ومائتي درهم يؤخذ منها عشرة من الدراهم وخُمُسُ المعشرات فيما سقى من غير مؤنة والعشر فيما سُُقِيَ بمؤنة ولو وجب بنتا مخاض مع جبران بدلاً من بنتي لبون عند فقدهما لم يضعف الجبران في الأصح لأنه يؤخذ منّا ومنهم فلو ملك ستاً وثلاثين بعيراً ليس فيها بنتا لبون أخذنا منه بنتي مخاض ومع كل واحدة شاتين أو عشرين درهماً أو أعطى حقتين لنا فيأخذ منّا لكل واحدة شاتين أو عشرين درهماًً. ولو كان ملك الكافر بعض نصاب لم يجب قسطه في الأظهر إذ لا يجب فيه شيء على المسلم وقيل يجب قسطه رعاية للتضعيف ثم المأخوذ جزية تصرف مصرف الفيء وإن بُدِّل اسمها كما أفهمه قول عمر السابق. فلا تؤخذ من مال مَنْ لا جزية عليه كصبي ومجنون وامرأة وخنثى وتؤخذ من فقير.

? فصل في أحكام عقد الجزية ?

يلزمنا بعقد الذمة الكفُّ عنهم فلا تتعرض لهم نفساً ومالاً وضمان ما تتلفه عليهم نفساً ومالاً فيضمنه من أتلفه عليهم من المسلمين كما لو أتلف مال مسلم ونفسه ودفعُ أهل الحرب عنهم سواء كانوا بدار الإسلام أو منفردين ببلد وسواءٌ شرطوا المنع في العقد أو أطلقوه ودفع أهل الحرب عنهم إن كانوا بدار الإسلام لأنه لابد من الدفع عن دار الإسلام ومنع الكفار من طروقها فإن كانوا بدار الحرب لم يلزمنا الدفع عنهم إلا إذا شرطوه علينا وإن أخذ أهل الحرب منهم مالاً وظفر به الإمام رده إليهم فإن قتلوا منهم أو أتلفوا عليهم مالاً لم يجب عليهم ضمان ذلك لأن أهل الحرب غير ملتزمين أحكام الإسلام وقيل إن انفردوا ببلد لم يلزمنا الدفع عنهم إن لم يكن معهم مسلم ولو أسير فإن كان معهم مسلم وجب الدفع عنهم لأجله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير