تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الله عليه وسلم وسكت الآخرون فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك نقضاً للهدنة في حق جميعهم فقد روى البخاري والبيهقي من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن عمر (أن يهوج بني النضير وقريظة حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلى بني النضير وأقرَّ قريظة ومنَّ عليهم حتى حاربت قريظة بعد ذلك فقتل رجالهم وقسّمَ نساءهم وأموالهم وأولادهم بين المسلمين). أو قتلُ مسلم عمداً أو فعل شيء ينقض عقد الذمة مثل إيواء جواسيس الكفار أو سبِّ الله أو سبِّ رسوله صلى الله عليه وسلم وإذا انتقضت الهدنة جازت الإغارة عليهم وبياتهم قال تعالى: (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون) التوبة12. هذا إذا كانوا في بلادهم أما إذا كانوا في بلادنا فلا نقاتلهم حتى نبلغهم المأمن وهو المكان الذي يأمنون فيه منّا ومن أهل عهدنا.

ولو نقض بعضهم عقد الهدنة ولم ينكر الباقون بقول ولا فعل انتقض فيهم عقد الهدنة أيضاً وذلك بأن ساكنوهم وآكلوهم لإشعار ذلك بالرضا وإن أنكروا باعتزال أو إعلام الإمام ببقائهم على العهد فلا ينتقض العهد في حقهم ولو كان الناقض رئيساً فيهم قال تعالى: (أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون) آل عمران165. ولو خاف الإمام خيانتهم بظهور أمارات الخيانة فله نبذ عهدهم إليهم ويبلغهم المأمن وهي الدار التي يأمنون فيها من المسلمين وأهل عهدهم ولا ينبذ عقد الذمة بتهمة أي بمجرد التهمة ولا يجوز في عقد الهدنة شرطُ ردِّ مسلمة تأتينا منهم فإن شُرِطَ فسدَ الشرط وكذا العقد في الأصح فقد روى البخاري عنالمسور بن مخرمة ومروان بن الحكم (أن النبي صلى الله عليه وسلم عقد الصلح في الحديبية ثم جاءته بعد ذلك أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط مسلمة فجاء أخواها يطلبانها فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يردها عليهما فمنعه الله من ردها بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتومهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هنَّ حل لهم ولا هم يحلون لهن)) الممتحنة10. وإذا شرط الإمام أو نائبه ردَّ من جاء مسلماً أو لم يذكر رداً ولا عدمه بل أطلق فجاءت امرأة مسلمة لم يجب دفع مهر إلى زوجها في الأظهر لارتفاع نكاحها بإسلامها مثل دخول الزوج بها أو بعد الدخول والثاني يجب دفع المهر إلى زوجها إذا طلبه ويدفع من سهم المصالح قال تعالى: (وآتوهم ما أنفقوا) الممتحنة10، والأمر يحتمل الوجوب والندب وصرفه عن الوجوب أن الأصل براءة الذمة وأما رده صلى الله عليه وسلم المهر فلأنه كان قد شرط لهم ردَّ من جاءتنا مسلمة فلما امتنع ذلك بحكم الله بقول تعالى: (فلا ترجعوهن إلى الكفار) الممتحنة10، فنغرم حينئذ لامتناع ردها بعد شرطه. ولا يرد صبي ولا مجنون وكذا لا يُردُّ عبد وصف الإسلام وحرٌّ لا عشيرة له كذلك لا يُردُّ إلى المشركين على المذهب لضعفهم وإمكان فتنتهم عن دينهم ويردُّ من له عشيرة طلبته إليها لا إلى غيرها فلا يردُّ إلى غير عشيرته إن طلبته إلا أن يقدر المطلوب على قهر الطالب والهرب منه فيردُّ إليه فقد روى البخاري وأحمد عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم (أن النبي صلى الله عليه وسلم ردَّ أبا جندل وهو يرفس في قيوده إلى أبيه سهيل بن عمر وأبا بصير وقد جاء في طلبه رجلان فقتل أحدهما وأفلت من الآخر) ومعنى يرفس في قيوده أي يمشي وهو مقيد ومعنى الردّ أن يُخلَّى بينه أي المطلوب وبين طالبه عملاً بالشرط ولا يجبر المطلوب عبى الرجوع مع طالبه لحرمة إجبار المسلم على إقامته بدار الحرب ولا يلزمه الرجوع إلى طالبه لأن العهد لم يَجْرِ مع المطلوب بل عليه الهرب إن قدر على ذلك وله قتل الطالب ولنا التعريض له به أي للمطلوب لا التصريح لأنهم في أمان عندنا فقد روى الإمام أحمد في مسنده والبيهقي في سننه من طريق عروة عن المسور بن مخرمة في حديثه الطويل في صلح الحديبية (قال: فوثب عمر فقال: اصبر أبا جندل فإنما هم المشركون وإنما دم أحدهم كدم كلب).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير