تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذا يحل أكل الدود المتولد من طعام كخل وفاكهة إذا أُكِلَ معه في الأصح لعسر تمييزه بخلاف أكله منفرداً فيحرم ولا يَقْطَعُ بعض سمكة حية فذلك مكروه ولا يحرم لأن عيشه عيش مذبوح فإن فعل أي قطع بعض سمكة أو بلع سمكة حية حلَّ ذلك لأن ما حلت ميتته فلا حاجة لذبحه وإذا رمي صيداً متوحشاً أو بعيراً ندَّ أي ذهب شارداً على وجهه أو شاة شردت بسهم أو أرسل عليه جارحة فأصاب شيئاً من بدنه ومات في الحال حلََّ لخبر الشيخين عن رافع بن خديج (أن بعيراً ندَّ فرماه رجل فحبسه أي قتله فقال صلى الله عليه وسلم: (إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا)). وقيس عل البعير غيره وقوله أوابد يعني توحشاً ونفوراً من الإنس.

ولو تردى بعير ونحوه في بئر ولم يكن قطع حلقومه فكنادٍّ في أنه يحل بالرمي كالصيد فقد روى أبو داود والترمذي وأحمد عن أبي العشراء الدارعي عن أبيه (أن بعيراً تردى في بئر فقيل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أما تصلح الذكاة إلا في الحلق واللبة فقال: (إنك لو طعنت في فخذها لأجزأك)). ولأنه غير مقدور على ذكائه فكان عقره ذكته قلت الأصح لا يحل المتردي بإرسال الكلب عليه وصححه الروياني وهو صاحب كتاب البحر والشاشي أيضاً صححه وهو صاحب كتاب الحلية والله أعلم لأن السهم يستباح به الذبح مع القدرة ولا يستباح الذبح مع القدرة بإرسال الكلب.

ومتى تيسر لحوقه بِعَدْوٍ أو استعانة بمن يستقبله فمقدور عليه وليس بنادٍّ فلا يحل إلا بالذبح في المذبح ويكفي في النادِّ والمتردي وكذلك الصيد ليحل أكله جُرْحٌ يفضي إلى الزهوق أي الموت للحديث السابق (إنك لو طعنت في فخذها لأجزأك). وقيل يُشْتَرَطُ جرح مذفف أي يسرع في القتل وإذا أرسل الصائد عند الصيد سهماً أو كلباً أو طائراً على صيد فأصابه ومات فإن لم يدرك فيه حياة مستقرة أو أدركها وتعذر ذبحه بلا تقصير بأن سلَّ السكين على الصيد فمات قبل إمكان ذبحه أو امتنع من الصائد بقوته ومات قبل القدرة عليه حلَّ في جميع ما ذكر وله حكم كما لو مات ولم يدرك حياته ولكن يُسنُّ ذبحه إذا وجد فيه حياة غير مستقرة وإن مات لتقصيره أي تقصير الصائد بأن لا يكون معه سكين أو غصبت السكين منه أو نَشِبت أي تعلقت في الغمد وهو الغلاف للسكين والسيف حَرُمَ الصيد في جميع هذه الصور لتقصيره ولو رماه أي رمى الصيد فقده أي قطعه نصفين حلَّا أي النصفين سواء كانا متساويين أو متفاوتين ولو أبان أي قطع من الصيد عضواً كيدٍ مثلاً بجرح مذفف أي قاتل حلَّ العضو والبدن جميعاً وقيل يحرم العضو لأنه أبين من حي والأول أصح لأن الصيد في هذه الحالة ليس له حكم الحي. أو جرحه فأبان منه عضواً بغير مذفف أي وكانالجرح غير مذفف ثم ذبحه أو جرحه جرحاً آخر مذففاً فمات حَرُمَ العضو المبان لأنه أُبينَ من حي فقد أخرج الترمذي وأبو داود عن أبي واقد الليثي (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أُبينَ من حي فهو ميت)). قال الترمذي حديث حسن غريب.

وحلَّ الباقي لوجود الذكاة فيه فإن لم يتمكن من ذبحه ومات بالجرح حلَّ الجميع لأنه تبين أن الجرح مذفف أوله حكم المذفف وقيل يحرم العضو لأنه أبين من حي وذكاة كل حيوان بري قدر عليه بقطع كلِّ الحُلْقُوم وهو مخرج النفس والمريء وهو مجرى الطعام والشراب ويستحب قطع الوَدَجَين وهما عرقان في صفحتي العنق وهو الوريدان المحيطان بالحلقوم. ولو ذبحه من قفاه عصى وكذلك لو ذبحه من صفحة عنقه فإن يعصي بالذبح للتعذيب وتحل الذبيحة.

فإن أسرع فقطع الحلقوم والمريء وبه حياةٌ مستقرةٌ حلَّ لما روى الشيخان عن رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل ليس السنُّ والظفرُ). أي ولا تذبح بالسنِّ والظفر. وإلا تكن به حياة مستقرة حين وصل إلى قطع المريء فلا يحلُّ لأنه صار ميتة قبل الذبح. وكذا إدخال سكين بإذن ثعلب ليحفظ الجلد ويقطع البلغوم والمريء فإنه حرام للتعذيب فإذا قطع البلوع والمريء وفي الحيوان حياة مستقرة حلَّ وإلا لم يحل. ويُسَنُّ نحر إبل في اللبة وذبح بقر وغنم في الحلق. قال تعالى: (فصلِ لربك وانحر) الكوثر2، وقال تعالى: (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) البقرة67.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير