تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويحل الاصطياد بجوارح السباع والطير ككلب وفهد وباز وشاهين بشرط كونها متعلمة بأن تنزجر السباع بزجر صاحبه في أي وقت سواء في ذلك ابتداء الأمر أو بعد شدة عَدْوِهِ ويسترسل بإرساله أي يهيج بإغراء صاحبه له. قال تعالى: (وما علمتم من الجوارح مكلبين) أي معلمين وقيل معدين للصيد. قال الإمام الشافعي رحمه الله (إذا أمرت الكلب فائتمر وإذا نهيته فانتهى فهو كلب مكلَّب). ويمسك الصيد لصاحبه فإذا جاء تخلى عنه ولا يأكل منه شيئاً بعد امساكه. قال تعالى: (فكلو ا مما أمسكن عليكم) المائدة4. وروى أحمد في المسند وأبو داود في الضحايا والبيهقي في السنن عن عدي بن حاتم (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (ما علمت من كلب أو باز ثم أرسلته وذكرت اسم الله عليه فكل مما امسك عليك)، قلت: وإن قتل؟ قال: إذا قتله ولم يأكل منه شيئاً فإنما أمسكه عليك).

ويشترط ترك الأكل في جارحة الطير في الأظهر قياساً على جارحة السباع وقيل يحل مطلقاً لأن جارحة الطير لا تحتمل الضرب للتعليم كالكلب ونحوه. قال تعالى: (فكلوا مما أمسكن عليكم) المائدة4. ولم يفصل بين أن يأكل منه أو لم يأكل منه وروى الشيخان عن أبي ثعلبة الخشني (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل وإن أكل منه)). وقال قوم لا يحل لأن الله تعالى قال: (فكلوا مما أمسكن عليكم) المائدة4. وإذا أكل لم يمسك علينا إنما أمسك على نفسه.

وروى الشيخان عن عدي بن حاتم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إذا أرسلت كلبك وسميت وأمسك وقتل فكل وإن أكل فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه).

ويشترط تكرر هذه الأمور بحيث يظن تأدب الجارحة والرجوع في ذلك لأهل الخبرة في الجوارح ولا ينضبط ذلك بعدد وقيل يشترط تكرره ثلاث مرات ليعتبر مُعَلَّماً ولو ظهر كونه معلماً ثم أكل من لحم صيد لم يحل ذلك الصيد في الأظهر لخبر الصحيحين عن عدي وقيل يحلُّ لخبر أبي داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن أبي ثعلبة الخشني (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل، قال: وإن قتل؟ قال: وإن قتل، قال: وإن أكل؟ قال: وإن أكل)) وأعله البيهقي وقال الذهبي في ميزان الاعتدال هو حديث منكر. فيشترط تعليم جديد لفساد التعليم الأول ولا أثر للعق الدم لأنه لا يسمى أكلاً ومقصود الصائد اللحم وليس الدم.

وَيَعضُ الكلب من الصيد نجسٌ لأن الناب الذي يعض به جزء منه والأصح أنه لا يعض عنه فيجب غسله لأنه موضعٌ نَجُسَ بملاقاة الكلب فأشبه الإناء والثاني يعض عنه فلا يجب غسله لقوله تعالى: (فكلوا مما أمسكن عليكم) المائدة4. فأباح الأكل ولم يأمر بالغسل وأنه يكفي غسله أي المِعَض بماء وتراب وذلك إذا قلنا بنجاسته ولا يجب أن يقوّر مكان العضِّ ويطرح لأنه لم يرد شيء من ذلك ولو ورد ذلك لذكر ولو تحاملت الجارحة على صيده فقتله بثقلها حلَّ في الأظهر لعموم قوله تعالى: (فكلوا مما أمسكن عليكم) المائدة4، ولم يفرق بين ما قتله بجرحه أو بثقله ولأنه يعسر تعليمه أن يقتل بجرح ولا يقتل بثقله والثاني يحرم لقوله صلى الله عليه وسلم (ما أنهر من دم وذكر اسم الله عليه فكل) وهذا لم ينهر الدم ولو كان بيده سكين فسقط وانجرح به صيد أو احتكت به شاة وهو في يده فانقطع حلقومها ومريئها أو استرسل كلب بنفسه فقتل لم يحل واحد من الثلاثة لانتفاء الذبح وقصده والإرسال لأن الإرسال شرط كما في خبر الشيخين عن عدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أرسلت كلبك وميت وأمسك وقتل فكل).

وكذا لو استرسل كلب مثلاً بنفسه فأغراه صاحبه أو غيره فزاد عدوه فلا يحل صيده في الأصح لاجتماع المبيح وهو الإغراء والمحرم وهو الاسترسال بنفسه فَغُلِّبَ التحريم ولو أصابه أي أصاب الصيد سهم بإعانة ريح مثلاً حلَّ لوجود القصد ولعدم إمكان الاحتراز من الريح ولو أرسل سهماً لاختبار قوته أو أرسله إلى غرض فاعترضه أي اعترض السهم صيد فقتله السهم حَرُمَ في الأصح لأنه لم يقصد الصيد وقيل يحلُّ لأنه قصد الرمي يكفي ولو لم يقصد المصيد ولو رمى صيداً ظنه حجراً أو رمى سِرْبَ ظباء فأصاب واحدة حلت لأن القتل بفعله ولا اعتبار لظنه وإن قصد واحدة فإصاب غيرها حلت في الأصح لوجود قصد الصيد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير