تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما ما رواه الترمذي وغيره من حديث أبي أمامة (خير الضحية الكبش الأقرن) فالمقصود من الغنم وشاة يضحي بها أفضل من مشاركة غيره في بعير للانفراد بإراقة الدم ولطيب اللحم وشرطها أي شرط الأضحية المجزئة سلامة من عيب يَنْقُص لحماً فلا تجزيء عجفاء لا مُخَّ في عظمها لشدة الهزال والمقصود بالمخ هو الدهن الذي في العظام ومجنونة وهي التي تدور في المرعى وتستدبر غيرها من الشياه ولا ترعى إلا قليلاً ومقطوعة بعض أذن وذات عرج وعَوَر فقد روى أبو داود والنسائي وأحمد ومالك عن البراء بن عازب (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أربعة لا تجزيء في الأضاحي العوراء البيّنُ عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ضلَعُها والعجفاء التي لا تُنْقي)) وقال الترمذي حديث حسن صحيح وقوله العجفاء التي لا تنقي مأخوذ من النقي وهو المخ أي التي لا مخ لها.

وأخرج أصحاب السنن عن علي (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نستشرف العين والأذن ولا يضحى بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة ولا خرقاء ولا شرقاء) قال الترمذي حديث حسن صحيح، قوله أو مقابلة هي التي قطع شيء من مقدم أذنها وبقي معلقاً والمدابرة ما قطع من مؤخر أذنها وأما الخرقاء فهي التي ثقبت أذنها أي خرقت بالنار وأما الشرقاء فهي التي شقت أذنها فأصبحت اثنتين. وقوله نستشرف أي نتأمل ومرض جرب بين وهو الواضح الذي يظهر في هزالها ولا يضر يسيرها أي يسير هذه العيوب لأنه لا يؤثر في اللحم ولا فقد قرن خلقة فلا يضر فقده وتسمى الشاة بلا قرون الجلحاء ولا يضر كسوه مالم يؤثر على اللحم حتى ولو دمي لأن القرن لا يتعلق به غرض كبير وكذلك شق أذن وخرقها وثقبها لا يضر في الأصح إذا لم يُلقَ منه شيء أو يفسد الأذن والنهي السابق محمول على التنزيه أو على إنقاص اللحم. قلت الأصح المنصوص يصر يسير الجرب والله أعلم لأنه يفسد اللحم والشحم أما إذا لم يفسده فلا تأثير له.

ويدخل وقتها أي وقت الأضحية إذا ارتفعت الشمس كرمح يوم النحر وهو العاشر من ذي الحجة ثم مضى قدر ركعتين خفيفتين وخطبتين خفيفتين أي صلاة العيد فإن ذبح قبل ذلك لم يجزيء وكان تطوعاًفقد روى الشيخان عن البراء بن عازب قال (خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر بعد الصلاة فقال: من صلّى صلاتنا ونسل نسكنافقد أصاب النسك ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له، فقام أبو بردة ينار فقال: يا رسول الله لقد نسكت قبل أن أخرج إلى الصلاة، فقال صلى الله عليه وسلم: تلك شاة لحم) أي لا تجزيء عن الأضحية. ويبقى وقت التضحية حتى تغرب الشمس آخر أيام التشريق لما روى ابن حبان والبيهقي عن جبير بم مُطْعِم (أيام منى كلها مَنْحَرٌ) فإن ذهبت أيام النشريق ولم يذبح لم تقع موقعها وتكون شاة لحم.

قلت: أي الإمام النووي: ارتفاع الشمس فضيلة في وقت الأضحية والشرط طلوعها أي طلوع الشمس ثم مضى قدر الركعتين والخطبتين والله أعلم. وذلك إذا اعتبار وقت صلاة العيد يدخل طلوع الشمس أما الأول فمبني على أن وقت صلاة العيد يدخل بالارتفاع فدر رمح ومن نذر معينة أضحية فقال لله عليّ أن أضحي بهذه الشاة مثلاً لزمه ذبحهافي هذا الوقت أي في وقت الأضحية فإن تلفت قبله أي قبل وقت الأضحية فلا شيء عليه لعدم تقصيره وهي في يده أمانة وإن أتلفها هو أو أجنبي ضُمنت بالقيمة وعندئذ لزمه أن يشتري بقيمتها مثلها ويذبحها فيه أي في وقت النضحية وإن نذر في ذمته أضحية ثم عين المنذور أضحية كأن قال هذه الشاة لنذري لزمه ذبحه فيه أي في وقت الأضحية فإن تلفت أضحيته المنذورة قبله أي قبل وقت التضحية بقي الأصل عليه في الأصح لثبوت ما التزمه في الذمة والثاني لا يجب عليه غيرها لأنها تعينت بالتعيين فكان لها حكم من نذر معينة فلا يضمن إلا بالإتلاف.

وتشترط النية عند الذبح إن لم يسبق تعيين لأن الأضحية عبادة والأعمال بالنيات والنية تقترن أصلاً بأول الفعل وأما إذا سبق تعيين الضحية فإن التعيين هو نية ولا تشترط عند الذبح كما في الزكاة فيكفي نيتها عند فرز الزكاة ولا تشترط عند الدفع. وكذا تشترط النية عند الذبح إن قال جعلتها أضحية في الأصح لأن الذبح قربة في نفسه فاحتاج إلى نية والثاني كما ذكرنا قبل هذا يكفي تعيينها عن النية عند الذبح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير